الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد وضع الشرع للابن حقا مؤكدا على أبيه، رعاية ونفقة، وتوجيها وإصلاحا، ولا شك أن عمل هذا الأب الوارد في السؤال مخالف لتعاليم الإسلام وأحكامه. فقد قال صلى الله عليه وسلم الله : كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته،. الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته. متفق عليه. وقال صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت. رواه أبوداود وأحمد وحسنه الشيخ الألباني.
ثم ان امتناع هذا الأب من رؤية ابنه والتواصل معه، جرم عظيم أيضا، وكبيرة من أعظم الكبائر وأبشعها ألا وهي قطيعة الرحم؛ فإن الابن له حق على أبيه، كما أن للأب عليه حقوقاً. فمن حق الولد على والده أن يصله، وأن يحسن معاملته، وأن يبذل له حقه من الرحمة والرأفة والشفقة.
وقد بينا جانباً من ذلك في الفتويين: 15008، 23307 وراجع حكم قطيعة الرحم في الفتاوى: 116567، 62260، 13912.
لكننا مع ذلك ننبه على أمر هام، وهو أن إهمال هذا الوالد لحقوق ابنه، وامتناعه من رؤيته، لا يسوغ للابن أن يقابل ذلك بمثله، بل حق الوالد باق على ولده لا يسقطه شيء.
فالواجب على هذا الولد أن يسعى بكل الوسائل التي يمكن أن تثني أباه عن هذه القطيعة، فإن فاء ورجع، فعليه بصلته وبره ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، وليتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها. رواه البخاري.
وقوله صلى الله عليه وسلم، وقد جاءه رجل فقال: إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. رواه مسلم.
والله أعلم.