الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإطعام الكلاب الشاردة جائز لا حرج فيه، بل يؤجر عليه الإنسان؛ لما في الصحيحين من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ، فَوَجَدَ بِئْرًا، فَنَزَلَ فِيهَا فَشَرِبَ، ثُمَّ خَرَجَ فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الْكَلْبَ مِنَ الْعَطَشِ مِثْلُ الَّذِي كَانَ بَلَغَ مِنِّي، فَنَزَلَ الْبِئْرَ فَمَلَأَ خُفَّهُ مَاءً، ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ حَتَّى رَقِيَ، فَسَقَى الْكَلْبَ؛ فَشَكَرَ اللهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ وَإِنَّ لَنَا فِي هَذِهِ الْبَهَائِمِ لَأَجْرًا؟ فَقَالَ: «فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ». اهـ.
قال النووي في شرح مسلم: مَعْنَاهُ: فِي الْإِحْسَان إِلَى كل حَيَوَان حَيّ بسقيه وَنَحْوه، أجر. اهــ.
ولم نجد نقلا فقهيا في حكم ملاعبتها والتربيت عليها، والذي يظهر أن هذا مما لا ينبغي؛ نظرا لقذارتها وريحها الكريهة، ولعدم الأمن من التلبس بشيء من نجاستها، ويكفي أن الملائكة الكرام لا يدخلون بيتا فيه كلب.
قال العلماء: وَسَبَبُ امْتِنَاعِ الْمَلَائِكَةِ مِنْ دُخُولِ مَا فِيهِ كِلَابٌ- كَمَا قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ-؛ لِكَثْرَةِ قَذَارَتِهَا مِنْ تَعَاطِي النَّجَاسَاتِ، وَالْمَلَائِكَةُ تَنْفِرُ مِنْ الرَّوَائِحِ الْكَرِيهَةِ، وَلِأَنَّ بَعْضَهَا يُسَمَّى شَيْطَانًا، وَالْمَلَائِكَةُ أَضْدَادُ الشَّيَاطِينِ. اهــ قاله النفراوي المالكي في الفواكه الدواني.
وإذا أصاب ثيابك شيء من لعاب الكلب، فإن لعابه نجس في قول جمهور أهل العلم. فإذا أردت الصلاة بتلك الثياب، لزمك تطهيرها، وقد بينا كيفية تطهيرها في الفتوى: 204526.
وشعر الكلب طاهر على القول المرجح عندنا، فلا يلزم غسل ما لامسه شعر الكلب من الثياب، وانظر المزيد من التفصيل عن أحكام ملامسة البدن والثوب للكلب ولعابه ومخاطه، في الفتوى: 405586، ومثلها الفتوى: 136554 وما فيهما يغني عن الإعادة هنا، والفتوى: 46235 في الأضرار المترتبة على مخالطة الكلاب.
والله أعلم.