الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمدار الحكم في هذه المسألة على وجود اللبن وعدد الرضعات، فإن تيقن وجود اللبن وحصول خمس رضعات معلومات انتشرت الحرمة، فلا يجوز لابن ابنتها الذي هو ولدها من الرضاعة الزواج من ابنة ابنها لأنه أصبح عماً لها من الرضاعة.
وإن تيقن وجود اللبن وشك في عدد الرضعات فالأحوط عدم زواجه منها، مراعاة لقول الحنفية والمالكية بأن قليل الرضاع وكثيرة يحرم، وإن تيقن عدد الرضعات وشك في وجود اللبن أصلاً لم تنتشر الحرمة، لأن الأصل عدم وجود اللبن، ولا سيما في حال هذه المرأة، ولكن الأحوط أيضاً عدم زواجه منها، قال الهيتمي في تحفة المحتاج: ولو شك هل رضع (خمساً أم) الأفصح أو - (أقل أو هل رضع في الحولين أم بعد فلا تحريم) لأن الأصل عدمه، ولا يخفى الورع هنا، وحيث وقع الشك للكراهة حينئذ كما هو ظاهر ما مر أنه حيث وجد خلاف يعتد به في التحريم وجدت الكراهة ومعلوم أنها ههنا أغلظ، لأن الاحتياط هنا ينفي الريبة في الأبضاع المختصة بمزيد احتياط، ثم في المحارم المختصة باحتياط أعلى فتأمله. انتهى.
وننبه إلى أن الجمهور لا يشترطون لثبوت التحريم بلبن المرأة أن يتقدم حمل، بل إن لبن البكر يحرم عندهم ولو لم توطأ ولم تحمل قط، لعموم قوله تعالى: وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ [النساء:23]، قالوا: ولأنه لبن امرأة فتعلق به التحريم، وذهب الحنابلة في رواية هي المذهب إلى أن لبن البكر لا ينشر التحريم لأنه نادر لم تجر العادة به في التغذية، وكذلك لا يشترط لثبوت التحريم بالرضاع أن تكون المرضع من ذوات الحيض، فلا فرق في ذلك بين الآيسة من الحيض وغيرها.
والله أعلم.