الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت تعني هل يجب عليك أن تذهب للمسجد وتصلي مع الجماعة، وتكون لك نافلة، مع علمك بأنهم يصلونها قبل وقتها؟
فالجواب: لا، فلا يجب عليك أن تصلي في المسجد إذا كان أهل المسجد يصلون صلاة الفجر قبل دخول وقتها، ولا يطلب منك ذلك أصلا.
وحديث أبي ذر-رضي الله عنه- فيمن يؤخرون الصلاة عن وقتها المختار، لا فيمن يصلونها قبل دخول وقتها، ولا من يصلونها بعد خروج وقتها.
قال الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم: مَعْنَى يُمِيتُونَ الصَّلَاةَ: يُؤَخِّرُونَهَا، فَيَجْعَلُونَهَا كَالْمَيِّتِ الَّذِي خَرَجَتْ رُوحُهُ.
وَالْمُرَادُ بِتَأْخِيرِهَا عَنْ وَقْتِهَا، أَيْ عَنْ وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ، لَا عَنْ جَمِيعِ وَقْتِهَا. فَإِنَّ الْمَنْقُولَ عَنِ الْأُمَرَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ، إِنَّمَا هُوَ تَأْخِيرُهَا عَنْ وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ، وَلَمْ يُؤَخِّرْهَا أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ جَمِيعِ وَقْتِهَا. فَوَجَبَ حَمْلُ هَذِهِ الْأَخْبَارِ عَلَى مَا هُوَ الْوَاقِعُ. اهــ.
ثم إن الأمر في هذا الحديث بإعادة الصلاة مع الجماعة ليس للوجوب، بل للاستحباب. فيستحب أن يجمع بين أداء الصلاة في أول وقتها، ثم يصليها مع الجماعة.
قال الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم: وَفِيهِ أَنَّ الْإِمَامَ إِذَا أَخَّرَهَا عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا، يُسْتَحَبُّ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يُصَلِّيَهَا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ مُنْفَرِدًا، ثُمَّ يُصَلِّيهَا مَعَ الْإِمَامِ. فَيَجْمَعُ فَضِيلَتَيْ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَالْجَمَاعَةِ، فَلَوْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَى إِحْدَاهُمَا. فَهَلِ الْأَفْضَلُ الِاقْتِصَارُ عَلَى فِعْلِهَا مُنْفَرِدًا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ، أَمِ الِاقْتِصَارُ عَلَى فِعْلِهَا جَمَاعَةً فِي آخِرِ الْوَقْتِ؟ فِيهِ خِلَافٌ مَشْهُورٌ لِأَصْحَابِنَا. واختلفوا في الراجح. وقد أوضحته فِي بَابِ التَّيَمُّمِ مِنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. وَالْمُخْتَارُ اسْتِحْبَابُ الِانْتِظَارِ، إِنْ لَمْ يَفْحُشِ التَّأْخِيرُ. اهــ.
والله أعلم.