الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المرأة إذا حكم على زوجها بالسجن فلها حالتان:
إما أن يكون الزوج لم يترك لها ما تنفق به أو أن يكون ترك لها ذلك، فإن كانت الأولى فإنها مخيرة بين فراقه وبين الصبر عليه وانتظار خلاصه.
قال ابن قدامة في المغني: وجملته أن الرجل إذا منع امرأته النفقة لعسرته وعدم ما ينفقه فالمرأة مخيرة بين الصبر عليه وبين فراقه.... 8/162.
وإن كان ترك لها ما تنفق به، فقد اختلف أهل العلم في جواز التفريق لطول الغيبة وفي عدم جوازه، ومبنى أقوالهم في ذلك هو: هل استدامة الوطء هي حق للزوجة مثلما هي حق للزوج أم لا؟
فذهب جمهور العلماء إلى أن دوام الوطء إنما هو حق للزوج فقط، وأما الزوجة فحقها فيه ينقضي بالمرة الواحدة، ما لم يتركه الزوج إضراراً بها، وذهب المالكية ومن والاهم إلى أن استدامة الوطء حق لكل واحد من الزوجين، وعليه فأيما تضرر حصل للزوجة من عدم الوطء كان موجباً لها أن ترفع أمرها إلى القضاء وتطلب التفريق إن شاءت.
ولعل القول الأخير أولى بالصواب، قال في المغني: .... ولأن النكاح شرع لمصلحة الزوجين ودفع الضرر عنهما، وهو مفض إلى دفع ضرر الشهوة عن المرأة كإفضائه إلى دفع ذلك عن الرجل، فيجب تعليله بذلك، ويكون النكاح حقاً لهما جميعاً، ولأنه لو لم يكن لها فيه حق لما وجب استئذانها في العزل.... 7/231.
والله أعلم.