الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب عليك عند الجمهور قضاء ما أفطرته في رمضان الماضي قبل دخول رمضان التالي. فإن لم تفعل لغير عذر، أثمت بذلك، ولزمتك الفدية وهي إطعام مسكين عن كل يوم أخرت قضاءه.
قال ابن قدامة رحمه الله: وَجُمْلَةُ ذَلِكَ، أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ صَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ، فَلَهُ تَأْخِيرُهُ مَا لَمْ يَدْخُلْ رَمَضَانُ آخَرُ ; لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ قَالَتْ: كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصِّيَامُ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، فَمَا أَقْضِيه حَتَّى يَجِيءَ شَعْبَانُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلَا يَجُوزُ لَهُ تَأْخِيرُ الْقَضَاءِ إلَى رَمَضَانَ آخَرَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ; لِأَنَّ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- لَمْ تُؤَخِّرْهُ إلَى ذَلِكَ، وَلَوْ أَمْكَنَهَا لَأَخَّرَتْهُ، وَلِأَنَّ الصَّوْمَ عِبَادَةٌ مُتَكَرِّرَةٌ، فَلَمْ يَجُزْ تَأْخِيرُ الْأُولَى عَن الثَّانِيَةِ، كَالصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ.
فَإِنْ أَخَّرَهُ عَنْ رَمَضَانَ آخَرَ نَظَرْنَا: فَإِنْ كَانَ لِعُذْرٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الْقَضَاءُ، وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ، فَعَلَيْهِ مَعَ الْقَضَاءِ إطْعَامُ مِسْكِينٍ لِكُلِّ يَوْمٍ. وَبِهَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَمُجَاهِدٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ. انتهى.
ونرى أن ما ذكرته من الإعداد للامتحانات ليس عذرا في ترك ما أوجبه الله من القضاء قبل دخول رمضان التالي، وذلك أنه يمكنك المذاكرة بالليل وفي أول النهار، وتنظيم ساعات نومك بحيث تكون ساعات راحتك في أوقات عجزك عن المذاكرة.
فعليك أن تبادر بالصيام ولو بأن تصوم يوما وتفطر يوما، حتى تقضي ما عليك.
والله أعلم.