الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قال ابن جرير: وأما المسيح، فإنه فعيل صرف من مفعول إلى فعيل، وإنما هو ممسوح، وكلمة "المسيح" تطلق على عيسى ابن مريم -عليه الصلاة والسلام- كما تطلق على المسيح الدجال.
قال الإمام ابن عبد البر في كتابه "التمهيد": أما المسيح ابن مريم عليه السلام ففي اشتقاق اسمه فيما ذكر ابن الأنباري لأهل اللغة خمسة أقوال أحدها: أنه قيل له مسيح لسياحته في الأرض، وهو فعيل من مسح الأرض أي من قطعها بالسياحة. والأصل فيه مسيح على وزن مفعل فأسكنت الياء ونقلت حركتها إلى السين لاستثقالهم الكسرة على الياء، وقيل إنما قيل له مسيح لأنه كان ممسوح الرجل ليس لرجله أخمص، والأخمص ما لا يمس الأرض من باطن الرجل، وقيل سمي مسيحا لأنه خرج من بطن أمه ممسوحا بالدهن، وقيل سمي مسيحا لأنه كان لا يمسح ذا عاهة إلا برئ، وقيل المسيح الصديق.
وأما المسيح الدجال فإنما قيل له مسيح لمسحه الأرض وقطعه لها، وقيل لأنه ممسوح العين الواحدة، وقد يحتمل أن يكون ممسوح الأخمص أيضاً، والمسيح ابن مريم عليه السلام والمسيح الدجال لفظهما واحد عند أهل العلم وأهل اللغة، وقد كان بعض رواة الحديث يقول في الدجال المسيح بكسر الميم والسين، ومنهم من قال ذلك بالخاء، وذلك كله عند أهل العلم خطأ.
والله أعلم.