الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاالذي نص عليه جماهير المفسرين من السلف والخلف في تفسير هذه الآية، هو: أن الإنسان يحمله الضجر في بعض الأحيان على أن يدعو على نفسه أو ولده، أو ماله بالشر. ولو استجاب الله له؛ لهلك بسبب ذلك الدعاء.
قال القرطبي: قوله تعالى: ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير. قال ابن عباس وغيره: هو دعاء الرجل على نفسه وولده عند الضجر بما لا يحب أن يستجاب له: اللهم أهلكه، ونحوه.
دعاءه بالخير: أي كدعائه ربه أن يهب له العافية، فلو استجاب الله دعاءه على نفسه بالشر هلك، لكن بفضله لا يستجيب له في ذلك.
نظيره: ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير وقد تقدم. انتهى.
وقال ابن كثير في تفسيره: يخبر -تعالى- عن عجلة الإنسان، ودعائه في بعض الأحيان على نفسه أو ولده، أو ماله بالشر. أي: بالموت أو الهلاك والدمار واللعنة ونحو ذلك. فلو استجاب له ربه لهلك بدعائه، كما قال تعالى: ( ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم ) [ يونس 11 ].
وكذا فسره ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، وقد تقدم في الحديث: "لا تدعوا على أنفسكم ولا على أموالكم، أن توافقوا من الله ساعة إجابة يستجيب فيها". وإنما يحمل ابن آدم على ذلك عجلته وقلقه؛ ولهذا قال تعالى: ( وكان الإنسان عجولا ). انتهى.
وعلى هذا؛ فلا يؤخذ من الآية الكريمة التي ذكرت ما تتصوره.
فالعمل أن تدعو الله -تعالى- بتيسير أمور زواجك، وأن يرزقك زوجة صالحة تعينك على طاعة الله تعالى.. ونحو ذلك من خيري الدنيا والآخرة.
والدعاء من أفضل ما يتقرب به إلى الله -تعالى-، بل إنه هو العبادة، كما في سنن الترمذي وأبي داود وابن ماجه من حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- وفي رواية: الدعاء مخ العبادة.
قال الإمام ابن بطال في شرحه على البخاري: وقال بعض السلف: لأنا أشد خشيةً أن أحرم الدعاء، من أن أحرم الإجابة، وذلك أن الله تعالى يقول: (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) [غافر: 60]. فقد أمر بالدعاء ووعد بالإجابة، وهو لا يخلف الميعاد. انتهى.
والله أعلم.