الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب في كونك في بلاء، إن صبرت عليه لله؛ فلك عظيم الأجر وجزيل الثواب، قال تعالى: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ. [الزمر: 10].
وراجع الفتوى: 117444
وإذا ظهر لك أنّ زوجتك تائبة توبة صادقة مما وقعت فيه من الفاحشة؛ فاستر عليها، وليس في سترك عليها وإمساكها بعد توبتها؛ شيء من الدياثة -والعياذ بالله- فالستر على المسلم التائب مطلوب شرعا.
قال ابن عبد البر -رحمه الله- في التمهيد: الستر واجب على المسلم في خاصة نفسه إذا أتى فاحشة. وواجب ذلك عليه أيضا في غيره. انتهى.
ومما يعينك على الصبر، ومعاشرة زوجتك بالمعروف بعد توبتها؛ أن تُعرِض عن التفكر فيما وقعت فيه. وأن تعلم أنّ التوبة تمحو ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.
واعلم أنّ لله الحكمة البالغة في كل أقداره، وليس في مقدور العبد أن يعلم حكمة الله في كل أمر؛ ولكن عليه أن يوقن بعلم الله وحكمته ورحمته، ويسلم لأمره ويرضى بقضائه.
واعلم أن العبد إذا دعا بشيء ولم يتحقّق؛ لم يدل هذا على عدم استجابة دعائه، فاستجابة الدعاء ليست محصورة في تحقق المطلوب.
ففي مسند أحمد عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ، وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ، إِلَّا أَعْطَاهُ اللهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا. قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ، قَالَ: اللهُ أَكْثَرُ.
ثمّ ننبهك إلى أنّ الدعاء سبب من أنفع الأسباب؛ لكنه لا يغني عن الأخذ بالأسباب الأخرى المطلوبة؛ فلا يكفي أن يدعو العبد ربه أن يحفظ له أهله. ولكن عليه أن يقوم بما أوجب الله عليه من القوامة، وأن يجنبهم أسباب الفساد، ويسد عليهم أبواب الفتن، فلا يعرض زوجته للخلوة، أو الاختلاط المريب بالأجانب، وراجع الفتوى: 210952
والله أعلم.