الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن بهيمة الأنعام المعلوفة غير السائمة لا زكاة فيها عند جمهور أهل العلم، إلا إذا كانت متخذة للتجارة، فتزكى زكاة عروض التجارة، وراجع في هذا الفتويين: 18856 - 107016.
لكن اختلف القائلون باشتراط السوم لوجوب الزكاة، هل تعتبر البهائم التي ترعى في الكلأ المملوك معلوفة أم سائمة؟
جاء في نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج للرملي: ولو أسيمت في كلأ مملوك كأن نبت في أرض مملوكة لشخص، أو موقوفة عليه. فهل هي سائمة أو معلوفة؟ وجهان: أصحهما كما أفتى به القفال، وجزم به ابن المقري أولهما؛ لأن قيمة الكلأ تافهة غالبا، ولا كلفة فيها.
ورجح السبكي أنها سائمة إن لم يكن للكلأ قيمة، أو كانت قيمته يسيرة لا يعد مثلها كلفة في مقابلة نمائها، وإلا فمعلوفة.
والمناسب لما يأتي في المعشرات من أن فيما سقي بماء اشتراه أو اتهبه نصف العشر، كما لو سقى بالناضح ونحوه أن الماشية هنا معلوفة بجامع كثرة المؤنة.
قال الشيخ: وهو الأوجه، ولو جزه وأطعمها إياه في المرعى أو البلد؛ فمعلوفة، ولو رعاها ورقا تناثر؛ فسائمة، فلو جمع وقدم لها فمعلوفة. اهـ.
وفي حاشية الشبراملسي: (قوله: كأن نبت في أرض مملوكة) أي أو اشتراه ولو بقيمة كثيرة، ومثل ذلك ما يستنبته الناس كأن استأجر أرضا للزراعة وبذر بها حبا فنبت، فهو من الكلأ المملوك، ففي الراعية له الخلاف المذكور. اهـ.
وقال البهوتي في شرح منتهى الإرادات: لو اشترى لها أو زرع لها ما تأكله، أو جمعه من مباح، فلا زكاة؛ لعدم السوم. اهـ.
وبناء عليه: لا تجب عليك زكاة في إبلك وغنمك ما دامت على الحالة التي وصفت، وإن أخرجت زكاتها احتياطا وخروجا من خلاف العلماء؛ فقد أحسنت.
قال النووي في روضة الطالبين: العلماء متفقون على استحباب الخروج من الخلاف، إذا لم يلزم منه إخلال بسنة ثابتة، أو وقوع في خلاف آخر. اهـ.
والله أعلم.