الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سلكت مسلك الصواب بندمك على ما وقعت فيه من الزنا، وإجهاض هذا الجنين. وعليك بجعل هذا الندم توبة خالصة باستيفاء شروطها التي قد سبق بيانها في الفتوى: 5450.
ومن تاب؛ تاب الله عليه، فعليه أن يحسن الظن بربه، ويؤمل فيه خيرا، فهو القائل: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}. وثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها، تاب الله عليه.
وقد أسأت بدلالتك هذه الفتاة على السبيل الذي يمكن من خلاله إجهاض نفسها؛ ففي هذا إعانة على المعصية، وقد قال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}، والدال على الشر كفاعله، كما أن الدال على الخير كفاعله. فتأثمين بهذه الدلالة، والواجب عليك التوبة أيضا، والإحسان في المستقبل، والإكثار من الطاعات وسلوك سبيل الاستقامة، وعدم الالتفات إلى ما كان في الماضي. وراجعي لمزيد الفائدة، الفتاوى: 125275، 10800، 12928.
وننبه إلى أنه ينبغي أن يلتجئ المسلم إلى ربه إذا تكالبت عليه الهموم والغموم، فيتقي الله ويصبر، ويكثر من ذكر الله، فبذلك يوفقه ربه، ويزيل عنه هذه الهموم والغموم، قال تعالى: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ {البقرة:152}، وقال سبحانه: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد:28}، وقال أيضا: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ {النمل:62}.
وأما الانتحار، فلا ينبغي للمؤمن أو المؤمنة أن يفكر فيه، فضلا عن أن يلجأ إليه بالفعل؛ فإنه انتقال من شقاء إلى شقاء أعظم، وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى: 10397.
والله أعلم.