الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففتاوانا بحمد الله ليست بعيدة عن الواقع، بل نحن حريصون كل الحرص على تسهيل العبارة، وجعل الفتوى في متناول كل أحد.
وأما الصعيد؛ فهو وجه الأرض عند الأحناف والمالكية، وهو القول الذي نفتي به، وقد ذكرت في سؤالك مثالا لما زال عن كونه من وجه الأرض بدخول الصناعة فيه، وهو الطوب الأحمر، فإنه قد أنضج بالنار -كما هو معلوم- ومن ثَمَّ زال عنه وصف الصعيد، وهذا واضح جدا لا خفاء به.
وما كان من وجه الأرض؛ كالرمل، والتراب، والحجر، وغير ذلك؛ أمر يعرفه كل أحد يعيش على الأرض، وليس من وجه الأرض، ولا من الصعيد مثلا؛ الخشب، والحديد، ونحو ذلك.
وأما التيمم بتراب الشارع، أو بتراب البيت، أو بالتراب الموجود في المكنسة الكهربية؛ فكل هذا جائز لا إشكال في جوازه؛ لأن التراب من الصعيد باتفاق العلماء، لكن بشرط أن يكون طاهرا، ولا تلزم كمية معينة للتيمم، بل عند بعض العلماء أنه لا بد أن يعلق باليد شيء من الغبار يحصل مسمى المسح به، وعند بعضهم أنه لا يلزم ذلك أصلا، ومتى ضرب الشخص بيده على الصعيد، ثم مسح وجهه وكفيه، فقد تيمم، وقد وضحنا هذا في الفتوى: 125246. والتي ذكرت في سؤالك طرفا منها.
ثم إن التيمم في الحضر لعدم الماء لا يكاد يقع، فإن الأمصار، والمدن، والقرى لا تخلو من الماء عادة، ولذا أوجب بعض العلماء الإعادة على من تيمم في الحضر، وإذا تصور عدم الماء في الحضر، أو كان عادمه مسافرا، فأراد الصلاة، فوسيلة التطهر له هي التيمم، وهذا هو ما شرعه الله تعالى لعباده، فلا اعتراض على شرعه.
ولا يلزم استنشاق التراب، بل ولا يشرع إدخاله إلى الفم، أو الانف أصلا، حتى يحصل المحظور.
وأما تنظيفه عن البدن بعد التيمم، فيكون بنفضه عن الوجه والكفين، وهذا سهل ميسور، فلا يعترض على شرع الله وحكمه بمثل هذا الكلام.
والله أعلم.