الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم -وفقك الله- أن حق الأم عظيم، وقد جعل الله تعالى حق الوالدين تاليا لحقه سبحانه، فقال: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء:36}.
والنصوص في وجوب بر الوالدين والإحسان إليهما متكاثرة جدا، فعليك أن تحسن إلى والدتك ابتغاء وجه الله -تعالى- وطلبا لرضاه، وأن تتحمل ما يصدر عنها من أفعال تضايقك؛ فإن في صبرك على ذلك الأجر الجزيل، وقد تكون إنما تفعل هذا من منطلق الحب لك والحرص على مصلحتك. فاحرص على أن تلتمس لها المعاذير، وإن وجد نوع خلل في طريقة تعاملها معك، فيمكن إصلاحه بأن تكلم أباك بلين ورفق، وتشرح له ما تكرهه في تعامل أمك معك.
واعلم أنك كلما أحسنت إليها وزدت في برها، ونظرت إلى مصلحتك ومذاكرتك، فأقبلت عليها؛ فإن ذلك يزيد من حبها لك، وعطفها عليك.
وأنت وإن كنت لا تأثم على ما تشعر به من كراهية، وإنما تأثم إذا قمت بعقوقها، لكن ينبغي أن تزيل عنك تلك الكراهية بتذكر قديم إحسانها إليك، وعظيم حقها عليك، وفقك الله وأعانك على ما فيه رضاه.
والله أعلم.