الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فتحسّرك على فوات شيء من الطاعات، أمارة على صدق إيمانك.
والذي يمكننا أن نوصيك به هو أن تجتهدي في الجمع بين الدراسة التي لا بد لك منها، وتتضررين بتركها، أو التقصير فيها، وبين الاجتهاد في الطاعة في هذا الشهر المبارك.
ويمكن مثلًا أن تجمعي بين القيام وبين الدراسة بعد الفجر، والذهاب للمدرسة؛ وذلك بأن تنامي مبكرًا، وتستيقظين قبل الفجر بساعة، أو أقل، وتصلّين ما كتب الله لك، ثم تدرسين بعد الصلاة، وما عجزت عنه بسبب الدراسة، لعل الله تعالى أن يكتب لك أجره.
وقد دلّ الشرع على أن العبد إذا انقطع عن الطاعة التي كان يداوم عليها لعذر، فإن الله تعالى يكتب له أجرها؛ ففي الحديث: إِذَا مَرِضَ العَبْدُ، أَوْ سَافَرَ، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا. وفي الصحيحين من حديث أَنَسٍ -رضي الله عنه- أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان في غَزَاةٍ، فقال: إِنَّ أَقْوَامًا بِالْمَدِينَةِ خَلْفَنَا، ما سَلَكْنَا شِعْبًا ولا وَادِيًا، إلا وَهُمْ مَعَنَا فيه، حَبَسَهُمْ الْعُذْرُ.
قال النووي في شرح صحيح مسلم: وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ فَضِيلَةُ النِّيَّةِ فِي الْخَيْرِ، وَأَنَّ مَنْ نَوَى الْغَزْوَ، وَغَيْرَهَ مِنَ الطَّاعَاتِ، فَعَرَضَ لَهُ عُذْرٌ مَنَعَهُ، حَصَلَ لَهُ ثَوَابُ نِيَّتِهِ، وَأَنَّهُ كُلَّمَا أَكْثَرَ مِنَ التَّأَسُّفِ عَلَى فَوَاتِ ذَلِكَ، وَتَمَنَّى كَوْنَهُ مَعَ الْغُزَاةِ وَنَحْوِهُمْ، كَثُرَ ثَوَابُهُ. اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: وَفِيهِ أَنَّ الْمَرْءَ يَبْلُغُ بِنِيَّتِهِ أَجْرَ الْعَامِل، إِذا مَنعه الْعذر عَن الْعَمَل. اهـ.
ونسأل الله لنا ولك التوفيق.
والله أعلم.