الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يتجاوز عنك، فما دمت عاجزة عن معرفة أولئك الطالبات، فإنك تتصدقين عنهن بذلك المبلغ، وتبرأ ذمتك بذلك -إن شاء الله-.
قال ابن تيمية -كما في مجموع الفتاوى-: المال إذا تعذر معرفة مالكه، صُرف في مصالح المسلمين عند جماهير العلماء؛ كمالك، وأحمد، وغيرهما. فإذا كان بيد الإنسان غصوب، أو عوار، أو ودائع، أو رهون، قد يئس من معرفة أصحابها؛ فإنه يتصدق بها عنهم، أو يصرفها في مصالح المسلمين. اهـ.
وفي كشاف القناع: (وله) أي الذي بيده المغصوب (الصدقة بها عنهم) أي أربابها؛ لأن المال يراد لمصلحة المعاش أو المعاد، ومصلحة المعاد أولى المصلحتين. وقد تعينت ههنا لتعذر الأخرى (بشرط ضمانها) لأربابها إذا عرفهم؛ لأن الصدقة بدون الضمان إضاعة لمال المالك، لا على وجه بدل، وهو غير جائز ... (ويسقط عنه) أي الغاصب (إثم الغصب) لأنه معذور عن الرد للمالك لجهله به. وإذا تصدق بها فالثواب لأربابها (وكذا رهون وودائع وسائر الأمانات والأموال المحرمة) ... لأن في الصدقة بها عنهم جمعا بين مصلحة القابض بتبرئة ذمته، ومصلحة المالك بتحصيل الثواب له. اهـ.
والله أعلم.