الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكيفية تطهير المذي بينها النبي صلى الله عليه وسلم كم في حديث سَهل بن حُنَيف، قال: كنتُ ألقى مِنَ المَذْيِ شِدَّةَ، وكنتُ أُكثِرُ منه الاغتِسالَ، فسألتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- عن ذلك، فقال: "إنَّما يَجزيكَ مِن ذلكَ الوضوءُ" قلتُ: يا رسولَ الله، فكيفَ بما يُصيبُ ثَوبي منه؟ قال: "يكفيكَ بأنْ تأخُذَ كفّاً من ماءِ فتَنضَحَ بها مِن ثَوبِكَ حيثُ تَرَى أنَّه أصابَه"
وقد فسر النضح هنا بمجرد الرش بالماء، وهذا هو المشهور من مذهب المالكية، كما فسر بغمر المحل يالماء، وهذا مذهب الجمهور، وقد بينا ذلك في الفتوى: 195145.
وما فعلتَه أنت يعتبر نضحا بالمعنى الذي فسره به الجمهور.
جاء في مواهب الجليل للحطاب المالكي: يعني أن النضح هو الرش باليد. وهذا هو المشهور، وقال الداودي هو: غمر المحل بالماء. اهـ.
وفي الموسوعة الفقهية الكويتية: من معاني النضح في اللغة البل بالماء والرش، يقال: نضح الماء، ونضح البيت بالماء. وفي الاصطلاح قال المرداوي: نضح الشيء: غمره بالماء وإن لم يقطر منه شيء. اهـ.
وعلى مذهب المالكية فإذا لم يتغير الدلو المذكور، فإن يدك تطهر، ويكره استعمال ذلك الماء إن كان يسيرا كآنية وضوء، أو غسل. لكن هذا لا يعتبر من النضح على القول المشهور عندهم؛ كما تقدم.
قال الحطاب -أيضا- في مواهب الجليل: يعني إذا ورد الماء على النجاسة فكذلك، كما لو وردت النجاسة على الماء. فإن تغير الماء بالنجاسة التي ورد عليها صار نجسا، وإن لم يتغير فهو طهور، لكنه إن كان يسيرا كره استعماله، وإلا فلا يكره. قاله ابن العربي. اهـ.
وقال الدردير المالكي في الشرح الكبير: (و) كره ماء (يسير) أي: استعماله في حدث، وحكم خبث، ومتوقف على طهور، لا في عادات.
واليسير (كآنية) وضوء وغسل (فأولى دونهما) خولط (بنجس) كقطرة ففوق لا دونها (لم يغير) إذا وجد غيره، ولم تكن له مادة كبئر، ولم يكن جاريا، وإلا فلا كراهة. اهـ.
والله أعلم.