الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتوكل على الله -تعالى- يحصل بالعلم بأنه لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، وأن الأمور كلها بيديه -سبحانه- فهو وحده الذي يضل ويهدي ويسعد ويشقي، ويميت ويحيي. وكل من عداه -سبحانه- فلا يملك لنفسه، فضلا عن أن يملك لغيره، ضرا ولا نفعا.
فمن علم هذه الحقيقة الكبرى حق العلم، سهل عليه التوكل، وتفويض الأمور كلها لله -سبحانه- ثم إن التوكل لا ينافي الأخذ بالأسباب، بل الأخذ بها من كمال التوكل.
فعلى المسلم أن يفوض أموره كلها لله، ويعتمد في نجاحها عليه بقلبه، وأما جوارحه فتكون مشتغلة بالأسباب الظاهرة التي شرع الله الأخذ بها.
ولا يتصور أن مسلما يعرف ربه وقدرته، ويعرف نفسه وعجزها، ثم يزعم أنه لا يمكنه التوكل على الله، بل من استشعر غنى ربه التام، وفقر نفسه وفاقته وحاجته إلى ربه، انطرح على أبواب عبوديته ولم يلجأ لغيره سبحانه.
وشرط التوكل هو الإخلاص لله، والتفويض في جميع الأمور إليه مع أخذ الجوارح بالأسباب؛ كما ذكرنا.
وموانعه: تعليق القلب بالأسباب، واعتقاد أن النفع والضر قد يحصل بغير طريق التوكل والتفويض لله تعالى، وللفائدة، انظر الفتوى: 432589، والفتوى: 431950.
والله أعلم.