الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن أمكنك الرجوع إلى بلدك من غير ضرر عليك؛ فأطع أباك، وارجع إلى بلدك؛ فطاعة الوالد في المعروف واجبة.
وأمّا إذا كان عليك ضرر في الرجوع إلى بلدك، أو كنت محتاجًا للبقاء في تلك البلد لمصلحة كسبك؛ فلا حرج عليك في عدم الرجوع إلى بلدك، ولا تكون عاقًّا لوالدك بذلك، قال ابن حجر الهيتمي -رحمه الله- في الفتاوى الفقهية الكبرى: إذَا ثَبَتَ رُشْدُ الْوَلَدِ، الذي هو صَلَاحُ الدِّينِ وَالْمَالِ مَعًا، لم يَكُنْ لِلْأَبِ مَنْعِهِ من السَّعْيِ فِيمَا يَنْفَعُهُ دِينًا أو دُنْيَا. انتهى.
لكن عليك الاعتذار له، والسعي في استرضائه، والتودّد إليه.
وعليك في كل حال برّ أبيك، والإحسان إليه؛ فحقّ الوالد عظيم، ففي الأدب المفرد للبخاري عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- قَالَ: رِضَا الرَّبِّ فِي رِضَا الْوَالِدِ، وَسَخَطُ الرب في سخط الوالد.
وعن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت، فأضع هذا الباب، أو احفظه. رواه ابن ماجه، والترمذي.
قال المباركفوري -رحمه الله- في تحفة الأحوذي: قَالَ الْقَاضِي: أَيْ: خَيْرُ الْأَبْوَابِ وَأَعْلَاهَا، وَالْمَعْنَى: أَنَّ أَحْسَنَ مَا يُتَوَسَّلُ بِهِ إِلَى دُخُولِ الْجَنَّةِ، وَيُتَوَسَّلُ بِهِ إِلَى وُصُولِ دَرَجَتِهَا الْعَالِيَةِ، مُطَاوَعَةُ الْوَالِدِ، وَمُرَاعَاةُ جَانِبِهِ. انتهى.
والله أعلم.