الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنهنئك على نعمة الله عليك بالاستقامة على طاعته، ونسأله سبحانه أن يزيدك هدىً، وتقىً، وصلاحًا، ويحفظك، ويثبّتك على الحق، ويرزقك حسن الختام، واجتناب الآثام.
وما قمت به من تجاوز الحدود في التعامل مع هذه الفتاة؛ كخروجك معها، ومحادثتك لها دون حدود، أمر منكر؛ لكونها أجنبية عنك؛ فالواجب عليك التوبة إلى الله سبحانه من ذلك، وراجع الفتاوى: 35047، 30792، 21582، 5450.
وأما الوعد؛ فقد حث الشرع على الوفاء به، ومدح الموفين به، وأعلى من شأنهم، فمهما أمكن المسلم أن يفي بما وعد، فليفعل، فهو وإن كان لا يأثم بتركه عند جمهور العلماء، إلا أن الوفاء به يستحب استحبابًا أكيدًا، وتركه مكروه كراهة شديدة، وخاصة إن ترتب عليه ضرر، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ {الصف3:2}، ومدح الله نبيه إسماعيل -عليه السلام-، فقال: وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا {مريم:54}.
وذكر النبي صلى الله عليه وسلم إخلاف الوعد من خصال النفاق، فقال: آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ. متفق عليه.
فكان ينبغي لك أن تجتهد في أن تجد سبيلًا لأن تفي بوعدك لهذه الفتاة، إن كانت ذات دِين وخُلُق.
وإن أردت أن تتركها لسبب ما، فلتعتذر لها، ولو بالإشارة، والتلويح، بدلًا من تركها معلّقة في نوع من الضيق، والحرج.
وأما تأخّر أمر زواجك؛ فقد لا يكون بسبب ذنب، بل قد يكون مجرد ابتلاء، ويأتي الفرج في يوم ما -بإذن الله-.
فعليك بكثرة دعاء الله سبحانه، وسؤاله التيسير، فقد أمر بالدعاء، ووعد بالإجابة، فقال: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}.
واجتهد في البحث عن المرأة الصالحة مستعينًا بالثقات من أقاربك، وأصدقائك.
واجتنب التشدد في الاشتراطات، والصفات المثالية؛ فالكمال لله تعالى وحده، ومن طلبه في غيره، عجز، ولن يدركه.
والله أعلم.