الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنود أن ننبه أولا إلى أن هنالك أسسا لاختيار الزوجة، ومن أهمها أن تكون صالحة في دينها وخلقها.
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، وجمالها، ولدينها؛ فاظفر بذات الدين، تربت يداك. وثبت في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة.
فإن لم تكن هذه الفتاة صالحة في الدين والخلق، فلا ينبغي لابنك الزواج منها أو الإصرار على ذلك، فانحراف المرأة يجعل الزواج عرضة للخلل في الحياة الزوجية أو فشلها.
ويجب على ابنك طاعتك إن منعته الزواج منها؛ لأن طاعته لك واجبة، وزواجه منها ليس واجبا عليه، وهذا ما لم يخش على نفسه الوقوع معها في المعصية بسبب تعلقه بها، وراجعي الفتوى: 93194.
وعلى تقدير إرادة هذه البنت للزواج من ابنك أو من غيره، وامتناع أبيها عن تزويجها لغير مسوغ شرعي، فيتولى تزويجها من هو أولى بها بعده كأبيه: أي جد هذه الفتاة، ويمكن مطالعة الفتوى: 22277.
وننبه إلى أن البنت البالغة لا حضانة عليها، فلها الحق في الإقامة عند من شاءت من أبويها.
قال ابن قدامة في المغني: ولا تثبت الحضانة إلا على الطفل، أو المعتوه. فأما البالغ الرشيد فلا حضانة عليه، وإليه الخيرة في الإقامة عند من شاء من أبويه، فإن كان رجلا، فله الانفراد بنفسه؛ لاستغنائه عنهما، ويستحب أن لا ينفرد عنهما، ولا يقطع بره عنهما. وإن كانت جارية، لم يكن لها الانفراد، ولأبيها منعها منه؛ لأنه لا يؤمن أن يدخل عليها من يفسدها، ويلحق العار بها وبأهلها. اهـ.
ومن هذا نعلم أنه ليس للأب منع ابنته البالغة من الذهاب لأمها، وأنها لا مؤاخذة عليها في ذهابها إلا أن يكون قد منعها لمعنى صحيح كالخوف عليها مما يفسدها ونحو ذلك. وإنفاقه على من لا مال لها من بناته واجب عليه حتى تتزوج، ويدخل بها زوجها. كما بينا في الفتوى: 179233.
وإن أخطأت هذه الفتاة أو أي من أخواتها في حق أبيها، وفعلت ما يؤذيه. فالواجب عليها أن تتوب إلى الله -تعالى- وتستسمحه. ففي إيذائه بأي أذى، نوع من العقوق.
قال ابن الصلاح في فتاواه: العقوق المحرم: كل فعل يتأذى به الوالد. اهـ.
والله أعلم.