الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الواقع ما ذكرت عن أختك، فإنها على خطر عظيم، نسأل الله -تعالى- أن يهديها صراطه المستقيم، وأن يلهمها رشدها ويقيها شر نفسها وسيئ عملها.
ونوصيكم أولا بكثرة الدعاء لها، وسؤال الله -سبحانه- أن يعافيها، فعسى أن يستجيب الله هذا الدعاء، ويكون سببا في صلاحها، قال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}.
ثانيا: بذل النصح لها بالرفق واللين، وتذكيرها بالله، وتخويفها من سوء عاقبة العقوق، ويمكن الاستعانة عليها ببعض الفضلاء وأهل الخير ممن يرجى أن يكون لقولهم اعتبار عندها. فإن تابت إلى الله، فالحمد لله، وإلا فإن الهجر مشروع، ولكن ينبغي أن تراعى فيه المصلحة بحيث يترك إن خُشِيَ أن يزيدها عنادا، وتراجع الفتوى: 21837.
ثالثا: إذا أمرتك أمك بالإحسان إليها؛ فأطع أمك، فهذا من الطاعة في المعروف، ولعل هذا الإحسان يكون سببا في صلاحها، قال تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34}.
قال ابن كثير في تفسيره: ادفع بالتي هي أحسن؛ أي: من أساء إليك، فادفعه عنك بالإحسان إليه، كما قال عمر -رضي الله عنه-: ما عاقبتَ من عصى الله فيك، بمثل أن تطيع الله فيه.
وقوله: فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم؛ وهو الصديق، أي: إذا أحسنت إلى من أساء إليك، قادته تلك الحسنة إليه إلى مصافاتك، ومحبتك، والحنوّ عليك؛ حتى يصير كأنه ولي لك حميم؛ أي: قريب إليك من الشفقة عليك، والإحسان إليك. اهـ.
رابعا: كون أختك على حق، لا يعني أن لا تعفو عمن أساء إليها، والعفو قد يصعب، ولكن استشعار فضيلة العفو مما يعين على الإقدام عليه، وقد بينا طرفا من الأدلة الدالة على فضل العفو في الفتوى: 27841.
وهل تستصعب أختك العفو عن الأم، وهي لها فضلها عليها، ومأمورة ببرها والإحسان إليها، ومن حق الوالدين: الحق في الإحسان إليهما وإن أساءا، كما هو مبين في الفتوى: 299887.
والله أعلم.