الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنتما بالتوبة مما كان بينكما من الخلوة، فجزاكما الله خيرًا.
ولا يجوز لك الاستمرار في التواصل معها؛ فمحادثة الأجنبية أمر محرم، فلا تجوز إلا لحاجة، ومع مراعاة الضوابط الشرعية، كما هو مبين في الفتوى: 21582، والفتوى: 301951، فيجب عليك قطع التواصل مع هذه الفتاة بالهاتف، أو غيره.
وقد أخطأت هذه الفتاة بإخبارها لك عن ماضيها وما ارتكبت من ذنب، فكان الواجب عليها أن تستر على نفسها؛ فذلك من أعظم سبل المعافاة في الدنيا والآخرة، روى البخاري، ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كل أمتي معافاة، إلا المجاهرين، وإن من الإجهار أن يعمل العبد بالليل عملًا، ثم يصبح قد ستره ربه، فيقول: يا فلان، قد عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، فيبيت يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه.
وفي المقابل: قد أخطأت أنت حين أخبرت بعض أصدقائك بالعلاقة التي كانت عليها هذه الفتاة في الماضي.
وإن كنت تعني بكونك تكلّمت في شرفها، اتّهامها بالوقوع في الفاحشة، ونحو ذلك؛ فالأمر أشد، والإثم أعظم؛ لأنه يترتب عليه القذف، وهو من كبائر الذنوب، وسبق الكلام عنه في الفتوى: 29732.
فالواجب عليك التوبة من هذا كله، والدعاء لهذه الفتاة بخير، وانظر الفتوى: 5450، والفتوى: 111563، ففيها بيان كيفية التوبة، والتوبة من القذف خاصة.
وزواج المتحابين قد أرشد إليه الشرع، روى ابن ماجه عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم ير للمتحابين مثل النكاح.
وما حدث من هذه الفتاة من علاقة محرمة في الماضي، لا يمنع شرعًا من الزواج منها؛ فالعبرة بحالها الآن، ومدى توبتها واستقامتها، وحسن سيرتها، والاستخارة بعد أن يتبين أمر دِينها وصلاحها.
وإن كنت تخشى أن تكون في حرج بسبب معرفة أصدقائك لما كان منها في الماضي، فيسعك تركها، والبحث عن غيرها؛ فلست ملزمًا بالزواج منها بكل حال. ولعل الله تعالى ييسر لها الزواج من غيرك؛ ففضله واسع، يغني كلًّا منكما من فضله.
وإن كنت قد خطبتها، ففسخ الخطبة جائز، وخاصة عند الحاجة إليه، ويكره الفسخ لغير حاجة، وسبق لنا بيان ذلك في الفتوى: 18857.
والله أعلم.