الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنقول أولا: إن قضايا النزاع لا يمكن الحكم عليها بناء على أقوال أحد أطرافها دون الطرف الآخر، ولذلك كان الفصل فيها من اختصاص المحاكم الشرعية، إن لم يحصل بين أطرافها تفاهم وتصالح.
والذي نستطيع إفادتكم به على السبيل العموم -وبحسب ما ذكرت- هو: أنك أخطأت أنت، وأخطأ أبوك -لو ثبت أن الذهب لأمك- فيما فعلتما.
أما خطؤك أنت؛ فليس من حقك أن تستأثر بالنقود أنت وبعض أخوتك دون بقية الورثة، بحجة أن بعضهم أغنياء، وتطالبهم بأن يأخذوا حقهم من أبيك، وهذا ظلم؛ لأن لأبيك ولهم حقًّا في عين تلك النقود، ويملكون منها بقدر نصيبهم الشرعي في الميراث. فاتق الله تعالى، وأعد قسمة النقود بين جميع الورثة القسمة الشرعية.
وأما خطأ أبيك؛ فإن ثبت أن الذهب لأمك -ببينةٍ، أو إقرارٍ من أبيك-؛ فإن ذهبها حق لكل الورثة بعدها، وليس من حق أبيك أن يستأثر بالذهب دونهم بحجة أنه وهبه لها، فالهبة إذا تمت تنتقل بها الملكية للموهوب له، فإذا مات لم تعد الملكية للواهب، بل لورثته.
والواجب عليكم تقوى الله تعالى، وتمكين كل واحد من الوَرَثة من أخذ حقه بدون مماطلة، وإلا؛ فلا بد من رفع الأمر إلى المحكمة الشرعية؛ لِتُلْزِمَكُمْ بفعل ما يَلْزَمُكُمْ شرعا، فإن الله يَزَعُ بالسلطان ما لا يَزَعُ بالقرآن.
وقد بينا في الفتوى: 358555. جواز التحاكم بين الأولاد والآباء في المحكمة، وأنه ليس من العقوق.
وانظر أيضا الفتوى: 431590، والفتوى: 359284. وكلتاهما في تحريم الجَوْر في قسمة الميراث، ووجوب الوقوف عند حدود الله.
والله أعلم.