الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أن التائب حبيب الله عز وجل، كما قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ (البقرة: 222) .
فاصدق الله يصدقك، واستعن به ولا تعجز ولا تقنط، فليس من خلق المسلم القنوط.
قال تعالى: لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (يوسف: 87) .
وما جنيته من عظائم وكبائر حقير في جانب عفو الله عز وجل، فإن عفو الله من ذنبك أعظم، وإذا كانت رحمته وسعت كل شيء كما قال تعالى: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ (الأعراف: 156) . أفلا تسعك؟!
وأما ما يتعلق بحقوق العباد، فما كان منها حقوقا مادية وجب ردها إلى أصحابها أو طلب العفو منهم، فإن لم يسامحوا وعجزت تماما عن رد حقوقهم، فقد فعلت ما تقدر عليه ولا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها، وقال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ (التغابن: 16) . وإذا علم الله صدقك في رد تلك الحقوق، ردها عنك وتكفل لك بأصحابها يوم القيامة، وأما إن كانت هذه الحقوق مما لا يستوفى كالغيبة والنميمة والكذب وغير ذلك، فقال مالك والشافعي: يجب أن يبرأ من أصحابها، بينما ذهب غيرهما إلى أنه يكفي منها الاستغفار والدعاء لهم، وهذا هو الراجح، كما بيناه في الفتوى رقم: 18180.
والله أعلم.