الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا ريب أن منهج السلف في الاعتقاد والسلوك والاستدلال والنظر هو المنهج الحق، وقد حث الله عز وجل على اتباعهم فيه، كما قال تعالى: وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ (التوبة: 100). والمقصود باتباعهم في الفهم والنظر وفي مسائل الاعتقاد والحلال والحرام.
ومن كان على هذا المنهج فلزمه وإن حصل بسببه أذى، فإنه على هدى مستقيم. ولكن الذي لمسناه أن كثيرا من الشباب الحديثي عهد بالالتزام وبدراسة منهج السلف أنهم يعمدون إلى فروع من الدين فيجعلونها أصولا، وإلى مسائل الخلاف فيجعلونها من المتفق عليه، ويقيمون معارك في غير ميدان ولا يراعون سلم الأولويات، ويفرقون المسلمين على أمر لهم فيه سعة، فالذي ننصح به الشباب أن لا يخوضوا مع الناس في مسائل الحلال والحرام حتى يطلبوا العلم الشرعي من أهله المحققين، ويأخذوا قدرا يفرقون به بين الواجب والمندوب والمحرم والمكروه والسنة والفرض.
وأما الحديث المشار إليه، فهو حديث صحيح، ويستدل به على أن المسلم يأتي من الأمر الشرعي ما يستطيع، كما قال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ (التغابن:16)
قال الشافعي: ويكون قول النبي صلى الله عليه وسلم فأتوا منه ما استطعتم: أن يقول عليهم إتيان الأمر فيما استطعتم، لأن الناس إنما كلفوا ما استطاعوا في الفعل استطاعة شيء، لأنه شيء متكلف، وأما النهي، فالترك لكل ما أراد تركه يستطيع، لأنه ليس يتكلف شيء يحدث إنما هو شيء يكف عنه. اهـ.
وفي موضوع إعفاء اللحية، فقد جاء الحديث بالأمر بإعفائها، كما في حديث ابن عمر: خالفوا المشركين، أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى. متفق عليه.
وهذا الأمر للوجوب عند أكثر العلماء كما بينا في الفتوى رقم: 14055وإذا كان الأمر كذلك، فإن على المكلف التزام هذا الأمر حسب استطاعته.
والله أعلم.