الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا في فتاوى سابقة خلاف أهل العلم في تحديد الرحم التي أوجب الشرع صلتها، ورجّحنا القول بأن الرحم على قسمين: رحم يجب أن توصل، ويحرم أن تقطع، وهي كل رحم محرم، كالآباء والأمهات، والإخوة والأخوات، والأجداد والجدات، وإن علوا، والأولاد وأولادهم، وإن سفلوا، والأعمام والعمات، والأخوال والخالات.
ورحم يكره أن تقطع، ويندب أن توصل، وهي كل رحم غير محرم، كأبناء الأعمام والعمات، وأبناء الأخوال والخالات، وانظر الفتويين: 11449، 18400.
وعلى هذا؛ فابن خالة أّمك من الرحم التي يكره أن تقطع، ويندب أن توصل من غير وجوب.
وبخصوص ما سألت عنه من جواز التدرّج في طريقة الصلة، فنقول: إن صلة الرحم لم يحدد الشرع لها طريقة، أو هيئة معينة، وإنما جعلها تحصل بفعل كل ما يُعد به الإنسان واصلًا، كالزيارة، والمعاونة، وقضاء الحوائج، والسلام، وبالكتابة أو الاتصال، إن كان غائبًا، وإذا كان للشخص الغني رحم فقيرة، فلا تحصل صلتها بالزيارة، إذا كان قادرًا على بذل المال.
هذا، ولا شك أن صلة الوالدة والوالد وحقّهما آكد من كل ذي رحم؛ لأن الله تعالى أوصى بهما، وأمر ببرّهما، والإحسان إليهما في نصوص عديدة، لا يشاركهم فيها غيرهم من الأرحام، ثم يأتي بعدهما غيرهما من الأرحام، الأقرب فالأقرب، وذلك ما بينه النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي جاءه يسأل عن أحق الناس بحسن الصحبة؟ قال: أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أباك، ثم أدناك أدناك. رواه مسلم.
والله أعلم.