الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن أراد الوالد بقسمة الأرض بينكم الهبة الناجزة؛ فلا حرج عليه في قسمتها بينكم بالتساوي بين الذكر والأنثى، وقد قدّمنا في فتاوى سابقة أن للعلماء قولين في كيفية تحقيق العدل في الهبة للأولاد.
أحدهما: أن يقسمها كالميراث، للذكر مثل حظ الأنثيين.
والثاني: أن يعطي الأنثى مثل نصيب الذكر، وهذا هو القول المرجح عندنا؛ كما في الفتوى: 401425.
ولكن لم يظهر لنا مما ذُكِرَ في السؤال أن تلك القسمة هبة صريحة، سواء فيما وهبه للأبناء أم للبنات، وقد قدمنا في فتاوى سابقة أن الهبة لا تنعقد بمجرد إذن الوالد لولده في البناء في الأرض، جاء في منح الجليل: لَا تَنْعَقِدُ الْهِبَةُ فِي الْأَرْضِ بِقَوْلِ الْأَبِ لِابْنِهِ (ابْنِ) فِعْلُ أَمْرٍ مِن الْبِنَاءِ فِيهَا دَارًا، وَبَنَاهَا فِيهَا (مَعَ قَوْلِهِ) أَيْ: الْأَبِ الَّذِي أَمَرَ ابْنَهُ بِالْبِنَاءِ هَذِهِ (دَارُهُ) أَيْ: الِابْنِ الَّذِي بَنَاهَا، فَإِذَا مَاتَ الْأَبُ، فَلَا يَخْتَصُّ الِابْنُ بِالْأَرْضِ، وَيُشَارِكُهُ فِيهَا الْوَرَثَةُ، وَلِلِابْنِ قِيمَةُ بِنَائِهِ مَنْقُوضًا. اهـ، وانظري الفتوى: 189443، والفتاوى المحال عليها فيها.
ومما يرجح أن الوالد لم يرد بذلك الهبة قوله: (إن له حق التصرف في الأرض).
وإذا حكمنا بأنها ليست هبة؛ فإن تلك الأرض كلها تعتبر عارية، تنتهي بموت الوالد؛ حتى الأرض التي بنى عليه الأبناء، وتكون وصيته بأن تكون قطعة الأرض للبنات بعد موته وصية لوارث، ولا تمضي إلا برضا بقية الورثة، وانظري الفتوى: 121878، والفتوى: 170967، وكلاهما عن الوصية للوارث.
والله أعلم.