الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فيحرم على الدائن -زوجًا أم غيره- مماطلة المدين في سداد دَينه؛ فذلك موجب للإثم، بل عدّه العلماء في كبائر الذنوب، وقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مطل الغني ظلم، وإذا أتبع أحدكم على مليء، فليتبع.
وهذه المماطلة تسوّغ للدائن رفع الأمر للقضاء، روى أبو داود، والنسائي، وابن ماجه عن عمرو بن الشريد، عن أبيه -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لَيُّ الواجد يحل عرضه، وعقوبته. ومعنى: يحلّ عرضه: شكايته. كما فسرها وكيع، فيما نقله عنه ابن حجر في الفتح.
فهذا التصرف من زوجك يبيح لك رفع أمره للقضاء، والمطالبة بالحق؛ إن لم يجد معه غير ذلك، وكان ينبغي لك أن تسلكي هذا المسلك قبل أن تأخذي شيئا من ماله من غير علمه.
ويمكنك أيضًا توثيق هذا الدَّين، وكتابته، وإشهاد الشهود عليه.
والأخذ من ماله دون علمه في مقابل حقّك عليه؛ لا حرج فيه، وهذا يندرج تحت مسألة يسميها الفقهاء بمسألة الظفر بالحق، وسبق بيان ذلك في الفتوى: 28871.
والواجب أيضًا توثيق هذا القدر الذي أخذتِه لتبرأ ذمّته منه.
ولو أنكِ رأيتِ مسامحته فيما بقي لك عليه من مال؛ فهو أعظم لأجرك -إن شاء الله-.
والله أعلم.