الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك الكذب على أمك لكسب رضاها، فالكذب محرم، كما ثبتت بذلك النصوص، وسبق بيان بعضها في الفتوى: 3809.
ولو أنها غضبت لأجل عدم موافقتك لها في خطئها، لم يكن في ذلك إساءة منك لها، أو وقوع في عقوقها.
ولا شك في أن من استشير في أمر، وجب عليه أن يكون ناصحا أمينا، ولا يكون غاشا، كما في الحديث الذي أشرت إليه، ولما ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من غشنا، فليس منا.
وإن كذبت عليها، وغلب على ظنك أن هذا الرأي الذي طرحته عليها سيترتب عليه ما ذكرت من محاذير، فإنك تأثمين بتسببك في ذلك، إضافة لإثم الكذب. ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" ... مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ... ".
قال الصديقي -الشافعي- في دليل الفالحين: ومن سنّ في الإسلام سنة سيئة ـمعصية وإن قلَّت- بأن فعلها فاقتدى به فيها، أو دعا إليها، أو أعان عليها... اهـ.
وقد أحسنت بما ذكرت من أنك تجتهدين في اتقاء غضب أمك باختيار أحسن أسلوب، فجزاك الله خيرا، ونوصيك بالعمل على مداراة أمك وعدم موافقتها في رأيها الخاطئ، والاعتذار لها بلطف، برا بها وكسبا لرضاها.
ونوصي أيضاً بأن تسلطي عليها بعض من لهم تأثير عليها؛ لينصحوها باجتناب التدخل في النقاش في أمور قد تجر عليها شيئا من المشاكل، وقد توقعك بسببها في الحرج، واحرصي على الدعاء لها بأن يرزقها الله رشدها وصوابها.
والله أعلم.