الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت الترغيب في صلاة الضحى، ومن ذلك ما جاء في صحيح الإمام مسلم وغيره، عن أبي ذر -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى.
وهذا الحديث لا يدل على وجوب صلاة الضحى، ولا على أن من لم يصلها، لم يؤدّ شكر يومه. فصلاة الضحى سنة، ولا نعلم قولا بوجوبها.
قال العراقي في طرح التثريب: مع الاتفاق على عدم وجوب صلاة الضحى على عموم الناس. اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: وفي هذا دلالة على استحباب صلاة الضحى، وأن أقلها ركعتان. وعدم مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على فعلها لا ينافي استحبابها؛ لأنه حاصل بدلالة القول، وليس من شرط الحكم أن تتضافر عليه أدلة القول والفعل. اهـ.
والصدقة كل يوم عن عدد مفاصل الإنسان مستحبة، وليست واجبة، كما تقدم في الفتوى: 134140
ومن فاتته صلاة الضحى، فإنه يكفيه أن يأتي من التسبيح، والتكبير، ونحوهما من الأذكار، والحسنات بمقدار ثلاثمائة وستين (عدد مفاصل الإنسان).
قال العراقي في طرح التثريب: قوله: «قالوا فمن الذي يطيق ذلك» كأن الصحابة -رضي الله عنهم- فهموا أن المراد بالصدقة هنا ما يتصدق به على الفقراء. فبيّن لهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أن المراد بها مطلق الحسنة وإن لم يَعُد منها نفع على الغير، ولذلك قال في حديث أبي ذر: «فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة». اهـ.
وقال الشوكاني في نيل الأوطار: والحديثان يدلان على عظم فضل الضحى، وكبر موقعها وتأكد مشروعيتها، وأن ركعتيها تجزيان عن ثلاثمائة وستين صدقة، وما كان كذلك فهو حقيق بالمواظبة والمداومة.
ويدلان أيضا على مشروعية الاستكثار من التسبيح والتحميد والتهليل، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ودفن النخامة وتنحية ما يؤذي المار عن الطريق، وسائر أنواع الطاعات؛ ليسقط بفعل ذلك ما على الإنسان من الصدقات اللازمة في كل يوم. اهـ.
مع أن صلاة الضحى يشرع له قضاؤها إذا فات وقتها عند بعض أهل العلم، كما سبق في الفتوى: 61442
والله أعلم.