الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرًا على حرصك على الاستقامة، والطاعة، والعبادة، ونسأل الله تعالى أن يزيدك هدىً، وتقىً، وصلاحًا، وأن يرزقك نور البصيرة في سيرك إليه.
ولعل من المناسب أن نبدأ بما ذكرت من رغبتك في التفرّغ للعبادة وترك الزواج، فهذا النهج مخالف للهدي النبوي، وهو من التبتل المذموم، كما بينا في الفتوى: 26120.
فهو إذن نهج مذموم، ليس لك السير عليه، منعك منه أبوك أم لا.
وفي الزواج كثير من خير الدنيا والآخرة، وفي الرغبة عنه حرمان للنفس من هذا الخير، وانظري لمزيد الفائدة الفتوى: 414163.
وبخصوص طاعتك والدك في أمر الدراسة، فمهما أمكنك طاعته فيها، فافعلي؛ ففي بر الوالدين رضا الله عز وجل، والفوز بالجنة، وللمزيد فيما يتعلق بفضل بر الوالدين، راجعي الفتوى: 58735.
ولا يخفى أن الوالد يحب أن يرى أولاده في تفوق، ونجاح، ويعجبه ذلك.
وإن كانت الدراسة تشق عليك، ولا تضرك؛ فالواجب عليك طاعته.
وإن كنت تتضررين بها، فلا تجب عليك طاعته؛ لأن طاعة الوالدين لا تجب فيما فيه ضرر على ولدهما، وانظري الفتوى: 76303، والفتوى: 120335.
ولكن انتدبي إليه -والحالة هذه- من يعينك في سبيل إقناعه بترك هذه الدراسة.
وأكثري من دعاء الله سبحانه، والتضرّع إليه أن ييسر إقناعه. فإن اقتنع، فالحمد لله، وإن لم يقتنع، وعنف عليك، وأساء معاملتك، فاتقي الله، واصبري.
وكوني على حذر من أن يصدر منك ما يستوجب الوقوع في العقوق، بل يجب عليك برّه على كل حال؛ فإساءة الوالد لا تسقط عن الولد برّه، وراجعي الفتوى: 299887.
والله أعلم.