الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن المحادثة بين الرجل والمرأة الأجنبية باب للشر والفساد، ويمكن للشيطان أن يستدرجهما من خلالها استدراجًا؛ حتى يوقعهما في الفواحش، وقد حذّر الله تعالى من شره، فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ... {النور:21}.
وقد شدد الفقهاء في أمر المحادثة بينهما، والمنع منها، إلا لحاجة، وفي حدود الضوابط الشرعية، وسبق أن بينا ذلك في الفتوى: 30792، والفتوى: 21582.
فما كان لك الاستمرار في التواصل معها، أو مجاراتها في طلبها في هذه المحادثة، ولو بمجرد تفقّد الحال، ومذاكرة الدروس؛ فالواجب عليك المبادرة إلى التوبة النصوح، وقد أوضحنا شروطها في الفتوى: 5450.
ولا تلتفت إلى ما تشعر به من تأنيب ضميرك، وخوفك من أن تكون قد تسببت في أذيتها من أهلها؛ فهي الجانية على نفسها حين استمرت معك في هذه المحادثة باختيار منها، ولم تجبرها عليها.
وهذه الهواجس والخواطر قد تكون من الشيطان؛ لينكّد بها حياتك، ويدخل عليك بسببها الأحزان؛ فهو عدو الإنسان، ويستغل كل سانحة يستطيع أن يكيد له بها، قال تعالى: إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ {المجادلة:10}.
وقد يجرّك بها إلى العودة إلى تلك المحادثات المحرمة التي كانت بينك وبينها؛ فأقبل على الله سبحانه، واستعذ به من شره؛ فهو القائل: وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ {فصلت:36}.
واجتهد في سلوك طريق الاستقامة، والحذر من سبل الغواية والضلال.
ويمكنك الاستفادة من بعض التوجيهات التي ضمناها هذه الفتاوى: 1208، 10800، 12928.
وإن كنت لم تتزوج بعد، فبادر إلى الزواج -ما أمكنك-، واستعن ببعض الثقات من أقربائك وأصدقائك في البحث عن المرأة المؤمنة الصالحة، التي تعينك في أمر دِينك ودنياك.
ولمزيد الفائدة، انظر الفتوى: 102725، والفتوى: 8757.
والله أعلم.