الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان حال زوجتك على ما ذكرت؛ فإنها قد جمعت بذلك جملة من المنكرات، ومنها: الظن السيئ، والتجسس، والقذف، ومحادثتها رجلًا أجنبيًّا عنها، وهي بذلك آثمة إثمًا مبينًا؛ فالواجب عليها أن تتوب إلى الله تعالى، وسبق بيان شروط التوبة في الفتوى: 29785، والفتوى: 18180.
وعلى الرغم مما ذكرت عنها من أمور جسيمة، وآثام عظيمة، إلا أننا لم نجد فيما ذكرت ما يثبت به نشوزها، ولمعرفة ما يحصل به النشوز، راجع الفتوى: 161663.
وإذا لم يوجد منها نشوز، فلا يسقط حقها في النفقة، بل يجب عليك أن تنفق عليها، ولو كانت في بيت أهلها، وذهابها إلى بيت أهلها، كان بإذن منك.
وإن كانت قد أقرّها بعض أهلها على ما فعلت من منكرات، فقد أساءوا إساءة عظيمة.
وننصح بأن يتدخل العقلاء من أهلك وأهلها للإصلاح بينكما؛ فإن الشرع قد حث على ذلك، قال تعالى: وَالصُّلْحُ خَيْرٌ {النساء:128}، وروى أبو داود عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام، والصلاة، والصدقة؟ قالوا: بلى، يا رسول الله، قال: إصلاح ذات البين، وفساد ذات البين الحالقة.
ويتأكد هذا في حق الزوجين، فإن تيسر الإصلاح، واستقام الأمر، فأمسك عليك زوجك، وأحسن عشرتها.
وإن لم يتيسر الإصلاح، فالأفضل الطلاق، قال ابن قدامة في المغني: فإنه ربما فسدت الحال بين الزوجين؛ فيصير بقاء النكاح مفسدة محضة، وضررًا مجردًا، بإلزام الزوج النفقة، والسكنى، وحبس المرأة، مع سوء العشرة، والخصومة الدائمة من غير فائدة؛ فاقتضى ذلك شرع ما يزيل النكاح؛ لتزول المفسدة الحاصلة منه. اهـ.
ولا يجوز لك ترك زوجتك معلقة: فإما أن تمسك بمعروف، وإما أن تفارق بإحسان.
والأصل أن المرأة إذا طلقت، استحقت حقوق المرأة المطلقة -من الصداق، والنفقة في العدة، ونحو ذلك-، ولمزيد الفائدة، يمكن مطالعة الفتوى: 8845.
وإذا كانت ناشزًا، جاز للزوج أن يطلقها في مقابل عوض تدفعه إليه، ويمكن أن يكون العوض تنازلها عن بعض حقوقها، وليس هنالك ما يدل على نشوز زوجتك -كما أسلفنا-.
ومن حقك أن تدعو على من ظلمك، وتسأل الله تعالى أن يقتصّ لك منه، ولكن العفو أفضل، وله كثير من العواقب الحميدة، كما سبق بيانه في الفتوى: 27841.
والله أعلم.