الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فحقّ الوالدين على ولدهما عظيم، ولا يسقط حقّهما بظلمهما، أو إساءتهما؛ فإن الله قد أمر بالمصاحبة بالمعروف للوالدين المشركين اللذين يأمران ولدهما بالشرك، قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15}.
وعقد البخاري في كتابه: الأدب المفرد، بابًا أسماه: باب بر والديه وإن ظلما ـ وأورد تحته أثرًا عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: ما من مسلم له والدان مسلمان، يُصبح إليهما محتسبًا، إلا فتح له الله بابين ـ يعني: من الجنة ـ وإن كان واحدًا فواحد، وإن أغضب أحدهما، لم يرضَ الله عنه حتى يرضى عنه, قيل: وإن ظلماه؟ قال: وإن ظلماه.
وقد أحسنت بسعيك في الإحسان إلى أبيك، وحرصك على استرضائه؛ فاثبت على ذلك، وداوم على برّ والديك، والإحسان إليهما، قدر استطاعتك.
ولا يلزمك أن تسكن مع أبيك في بيته، ولا تكون عاقًّا بانفرادك بالسكن مع زوجتك، ما دمت واصلًا له غير قاطع له، ولا مضيع حقه، وراجع الفتوى: 165457.
ولا يلزمك أن تنفق على أبيك، أو تعطيه شيئًا من مالك، إلا إذا كان محتاجًا، وكنت موسرًا، وانظر الفتوى: 46692
لكن ينبغي عليك أن تستعمل الحكمة، والمداراة، وتلين له الكلام؛ حتى تتجنّب غضبه.
والله أعلم.