الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالإنكار على المغتاب واجب، لكن لا ينبغي أن يصل بك ذلك إلى حد الوسوسة، فكثير مما ذكرته ليس فيه غيبة، كقول جدّك المذكور، وقول من نادت السائق بالنداء المذكور؛ فالظاهر أنها لم ترد استهزاء، ولا غيره.
وقول خالك المذكور ليس استهزاء، وإن كان، فهو استهزاء بك، وبتشدّدك في هذا الباب.
وذكر الشخص بعيب فيه لأجل التحذير، لا يعد غيبة، ومن ذلك: التحذير من بائع معين؛ لكون سلعته رديئة.
وذكر الفاسق والعاصي بما فيه، ليس من الغيبة.
فعليك أن تتعلمي المواضع التي لا تعد غيبة؛ لئلا تنكري في موضع لا يجب فيه الإنكار.
كما أن الحديث عن شخص مجهول لا يعلمه السامعون، لا يعد غيبة؛ لحديث أم زرع المشهور، وراجعي الفتوى: 104123، والفتوى: 186453.
فإذا علمت هذه القواعد، ونحوها، هان الخطب، وبان لك أن كثيرًا مما تنكرينه ليس غيبة يجب إنكارها، وإنما يتميز ذلك بالعلم النافع.
والحيطة، والحذر، وحفظ اللسان أمر حسن على كل حال.
فحاولي إذا جلست في مجلس أن تذكّري الجالسين بالله تعالى، وتكلّميهم فيما يعود عليهم بالنفع في أمر دِينهم ودنياهم.
والله يوفقك لما فيه رضاه.
والله أعلم.