الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالوالدان إنما تجب طاعتهما فيما لهما فيه منفعة، وليس على الولد فيه مضرّة ـ كما قررنا ذلك مرارًا ـ، فلا تجب طاعتهما في نوع طعام يأكله، أو ثوب يلبسه، أو كلية يدخلها، أو وظيفة يعمل فيها، ونحو ذلك، وإن أطاعهما إحسانًا وبرًّا وتألفًا لقلبيهما، فهو حسن.
فإذا عرفت حدود الطاعة الواجبة: فما كان من ذلك واجبًا، فلا تقصّر فيه.
وما كان بخلاف ذلك، وكانت عليك مشقة بالغة في فعله -بأن كان يحول بينك وبين تحصيل مصالح أكبر، كالتركيز في دراستك، ونحو ذلك-، فتكلّم معهما بلين، ورفق، وأدب تام، وبيّن لهما وجهة نظرك، وحاول إقناعهما بما هو أنسب لك، وفي الحوار المتبادل يكون الحل غالبّا.
فإذا أقمت جسرًا من الثقة، والعلاقة القوية مع والديك، وبادلتهما الحوار، وأشعرتهما بحبّك الشديد لهما، وأنك كذلك حريص على مصلحتك، عارف بها، فسيؤدي هذا ـ إن شاء الله ـ لحل كثير من إشكالاتك، دون الدخول في هذا الضغط النفسي، مع الاستعانة بدعاء الله؛ فإن الأمور كلها بيديه، وهو وحده الذي ييسر كل عسير.
والله أعلم.