الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فليس بين العبارتين المذكورتين في الفتوى تعارض، وليس في أي منهما ما يفهم منه أنّ الخوف من ثوران الشهوة، لا يمنع من النظر إلى المرأة الأجنبية، بل المقصود أنّ النظر إلى الأجنبية يمتنع في حال خوف الفتنة، أو ثوران الشهوة، ومجرد ثوران الشهوة مانع من تعمّد النظر إلى الأجنبية، بل إلى كل منظور سوى الزوجة، وملك اليمين، قال ابن القطان -رحمه الله- في إحكام النظر في أحكام النظر بحاسة البصر: وقد قدمنا أنه جائز للمرأة إبداء وجهها وكفيها؛ فإذن النظر إلى ذلك جائز, لكن بشرط ألا يخاف الفتنة، وألا يقصد اللذة.
أما إذا قصد اللذة، وخاف الفتنة؛ فلا نزاع في التحريم. بل لو كان نظره على هذا الوجه إلى ذات مَحرمه -بنته أو أخته-؛ كان حرامًا.
وإذا لم يقصد اللذة، لكنه يخاف الفتنة بنظره؛ فينبغي أن يكون ممنوعًا، بقوله: "اصرف بصرك"، وبليِّه عُنُق ابن عمّه، وقوله: "خشيت عليهما"، وبما عُلم من قاعدة الشرع في الأمر بغضِّ البصر، أنّه لأجل الخوف على النفس، وقصد صيانتها عما يجلب إليها هوًى. انتهى.
وقال الخطيب الشربيني- رحمه الله- في مغني المحتاج: النَّظَرُ بِشَهْوَةٍ، فَحَرَامٌ قَطْعًا لِكُلِّ مَنْظُورٍ إلَيْهِ -مِنْ مَحْرَمٍ، وَغَيْرِهِ-، غَيْرَ زَوْجَتِهِ، وَأَمَتِهِ. انتهى.
ومن احتاج إلى الدراسة في المدارس أو الجامعات المختلطة؛ فعليه أن يغضّ بصره عن الأجنبيات، ويجتنب كل ما يثير الشهوة، وراجع الفتوى: 286459.
والله أعلم.