الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكرك في البدء على حرصك على الحفاظ على دينك وعقلك، ونسأله -تعالى- أن يحقق لك ذلك، ويزيدك هدى وتقى وصلاحا. هذا أولا.
ثانيا: إن كان أخوك على الحال التي ذكرت، فهو على خطر عظيم، وخاصة فيما ذكرت من إنكاره بعض الأحكام الشرعية وتركه للصلاة.
وحقه عليكم بذل النصح له، والسعي في إصلاحه بالحسنى، ففي الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه عن تميم الداري -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: الدين النصيحة.
ويمكن أن ينتدب لنصحه من يرجى أن ينتفع بنصحهم. هذا بالإضافة إلى الدعاء له بالهداية والتوبة.
ثالثا: إن انتفع بالنصح وتاب إلى الله وأناب، فالحمد لله، وإلا فيمكن هجره إن رجي أن ينفعه الهجر. وانظري الفتوى: 21837. وهجره لهذه الأسباب، ليس من قطيعة الرحم في شيء.
رابعا: على والدك أن يقوم بما عليه من النصح والعمل على إصلاح ولده، وكذلك الحزم معه في ذلك مع شيء من الرفق واللين. وإذا استمر في الغواية، فليهجره، والمرجو أن يكون لهجر الوالد أثره عليه، وإن خشي أن يزيده الهجر ضلالا وعنادا، فليترك الهجر وليتألفه.
خامساً: لا يجوز لوالدك مساعدة أخيك بمال يستعين به على معصية الله -سبحانه-، فقد قال -تعالى-: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}.
سادسا: من حق والدك أن يأخذ من مالك بقدر حاجته إذا احتاج، ولكن ليس من حقه أن يأخذ منه ليعطي أخاك، وسبق بيان ذلك في الفتوى: 46692.
ومساعدته له والحالة هذه، معين له أيضا على البطالة، وذلك يزيده فسادا. فينبغي حثه على العمل، وبيان ما جاء به الشرع في هذا من النصوص الشرعية، ويمكن الاستفادة من النصوص في الفتوى: 58722.
سابعا: مجرد كراهيتك واشمئزازك من تصرفات أبيك مع أخيك، لا إثم عليك فيه، وكذلك إذا كرهت منه شيئا من المنكرات، ولا تكونين عاقة له بذلك؛ لأن الأمور القلبية لا اختيار لصاحبها فيها.
ويجب عليك اجتناب كل ما يمكن أن يؤذيه بأدنى أذى، ومن ذلك ما يُشعر بهجرانك له، ومن ذلك ما ذكرت من ترك النظر إليه وترك الحديث معه لأيام، فإن هذا موجب للعقوق، وقد أوضحنا ضابط العقوق في الفتوى: 73485.
ثامنا: إن خشيت على نفسك ضررا بسكناك معهما، فلا حرج عليك -إن شاء الله- في الانفراد عنهما إذا كان هذا المسكن آمناً. وراجعي الفتوى: 420220.
ولو أنك صبرت، واستعنت ببعض أهل الخير في الإصلاح، كان أعظم لأجرك.
والله أعلم.