الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أن اللواط من أقبح القبائح وأعظم المنكرات، ولا ريب أنه إن ارتكب في حق الأخ كان أعظم وأنكر، ولعظيم قبح هذا المنكر عذب الله أول من ارتكبوه بعقوبة شديدة، وجمع عليهم من ألوان العذاب ما لم يجمعه على أمة، فقلب ديارهم وخسف بهم ورجمهم بالحجارة من السماء وطمس أعينهم، وما ذاك إلا لعظيم مفسدة هذه الجريمة البشعة.
قال تعالى: فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ * مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (هود:82-83) .
وليعلم أن جريمة اللواط أخطر من جريمة الزنا وأقبح، ولهذا اتفق الصحابة على قتل الفاعل والمفعول به دون النظر إلى كونه متزوجا أو غير متزوج، وهذا بخلاف الزاني، فإنه لا يرجم إلا المحصن.
واللواط على ثلاث مراتب كلها محرمة شنيعة، تراجع هذه المراتب في الفتوى رقم: 28167.
وأما قولك هل هذا مما ملكت يميني؟ فشيء لا ينقضي منه العجب، فأي علاقة بين ملك اليمين وبين فاحشة اللواط، وأصدق ما يقال هنا قول الشاعر:
سارت مشرقة وسرت مغربا شتان بين مشرق ومغرب
وراجع في معنى ملك اليمين الفتوى رقم: 8720.
هذا، وإذا كانت الأفعال الشنيعة تلك صدرت منك وأنت بالغ -وعلامات البلوغ الشرعية هي الاحتلام أو ظهور شعر العانة أو بلوغ سن خمس عشرة سنة قمرية،- فالواجب عليك أن تتوب إلى الله وتندم وتستغفر الله، وهذه كفارتك.
وإن كانت صدرت منك وأنت دون البلوغ، فلا تلزمك التوبة، فإن الإثم مرتفع عن الصبي حتى يحتلم، كما في الحديث: رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل. رواه أحمد.
والله أعلم.