الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن من أعظم مقاصد الشرع وقوع الألفة والمودة والمحبة بين المؤمنين، ولاسيما من كانت بينهم رحم، فإن الواجب عليهم وصلها، ويحرم عليه قطعها، وقد وردت بشأن الرحم نصوص عظيمة في الكتاب والسنة، ومن ذلك قول الله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ *أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (محمد:22-23)، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في ما يرويه عن ربه عز وجل أنه قال للرحم: ألا ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك، قالت: بلى يا رب، قال: فذاك. رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه.
وقد أحسنتم في سعيكم إلى توضيح الأمر لهم، ونرى أن تستمروا في المحاولة، فإن الصلح خير، واستعينوا في سبيل تحقيقه بأهل العلم والرأي عندكم، وبكل من ترجون أن يكون لقوله تأثير عليهم، فلعل الله تعالى يجعل عاقبة هذه المساعي خيراً، ولمزيد من الفائدة تراجع هاتان الفتويان: 4417 / 16726.
وأما عدم غفران الذنوب للإخوة المتشاحنين والذي ورد به الحديث، فلا يشملكم ما دمتم قد بادرتم بطلب الصلح وكان الرفض من قبلهم هم.
والله أعلم.