الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فراجع في الواجب والمستحب من حقوق الجار الفتوى: 440338.
وفي حد الرحم الواجب صلتها، وحد الصلة الفتوى: 123691.
وفي حقوق المسلم الفتوى: 115407.
وفي حكم إلقاء السلام والرد عليه الفتوى: 22278.
وفي حكم إلقاء السلام على المرأة الأجنبية الفتويين: 6158، 362218.
ونعتذر للسائل عن استقصاء ذلك، وعن التفصيل الفقهي بين الواجب والمستحب من هذه الحقوق، فضلا عن بقية ما ذكر في السؤال.
ولكن نشير إلى أن مجرد كف الأذى عن الناس باب من أبواب الخير، وصدقة يتصدق بها المرء على نفسه؛ فعن أبي ذر رضي الله عنه قال: سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- أي العمل أفضل؟ قال: إيمان بالله، وجهاد في سبيله. قلت: فأي الرقاب أفضل؟ قال: أغلاها ثمنا، وأنفسها عند أهلها. قلت: فإن لم أفعل؟ قال: تعين صانعا، أو تصنع لأخرق. قال: فإن لم أفعل؟ قال: تدع الناس من الشر، فإنها صدقة تصدق بها على نفسك. رواه البخاري. ورواه مسلم بلفظ: تكف شرك عن الناس، فإنها صدقة منك على نفسك.
قال الصنعاني في شرح الجامع الصغير: "صدقة منك على نفسك" أي تؤجر عليه كما تؤجر على الصدقة. اهـ.
وقال ابن هبيرة في الإفصاح: في هذا من الفقه إن الإنسان إذا ضعف عن أن يعمل الخير، فينبغي أن يكون أقل أحواله الكف عن الشر، فإنه إذا لم يطق أن يعمل خيرًا، فلا أقل من أن لا يعمل شرًا. وهذا من غاية تنبيهاته - صلى الله عليه وسلم - ولطفه في حسن الموعظة. وقوله: (فإنها صدقة منك على نفسك) في هذا من الفقه أن الإنسان إذا أتى شيئًا من الشر، فقد عرض نفسه لاحتمال العقوبة على ذلك الشر، فإذا كف عنه فقد تصدق على نفسه بإراحتها من احتمال تلك العقوبة حين لم يمكنه أن يسعى في أن يحصل لنفسه الفوائد والغنائم، فلا أقل من أن يتصدق عليها بأن لا يعرضها من البلاء لما لا تطيقه. اهـ.
والله أعلم.