الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت أمك تنهاك عن إرجاع زوجتك، فالذي يظهر لنا -والله أعلم- أنه لا ينبغي لك إرجاعها بدون علمها ورضاها؛ فقد تعلم أمك يوما ما بأمر رجعتك لها، فتدخل عليها الحزن، وتتجدد المشكلة، وتطلب منك تطليقها مرة أخرى، فتعيش في مشكلة دائمة. هذا، بالإضافة إلى أنه إذا صح ما ذكرت من كون زوجتك تتهم أمك بعمل السحر، ولم يكن لزوجتك بينة في ذلك، فقد تتأذى أمك إن بلغها هذا الاتهام. وعلى كل، إن أمكنك إقناع أمك برجعتها فذاك، وإلا فدعها وتزوج من غيرها.
وإن ارتضت أمك إرجاعك لها، فنوصيك بألا تترك الحال بينهما على قطيعة وخصام، بل تحر الحكمة، واعمل على مناصحة زوجتك بأسلوب طيب، واعمل على الإصلاح، فقد ندب الشرع إلى الإصلاح بين المتخاصمين، وبيَّن أنه قربة عظيمة، كما سبق بيانه في الفتوى: 50300.
ويمكنك الاستعانة في أمر الإصلاح ببعض أهل الخير، ممن ترجو أن تسمع زوجتك لقولهم، وتستجيب لنصحهم.
وننبه إلى أمور:
الأمر الأول: لا يجوز إساءة الظن بالآخرين بما يشين من غير بينة، وقد نهى الشرع عن سوء الظن، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات:12}. فالواجب حسن الظن، والأصل براءة الذمة حتى يثبت العكس.
الأمر الثاني: أن عليك أن تبر بأمك، وتتعاهد زيارتها متى ما أمكن ذلك، وليس لأي أحد أن يتدخل في ذلك، أو يملي عليك شروطا في ذلك.
وليكن حاضرا في ذهنك أن الشرع قد جعل القوامة للزوج على زوجته، وليس العكس، كما قال الله سبحانه: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ{النساء:34}.
الأمر الثالث: ينبغي لكما أن تتحريا الحكمة، وتجتهدا في تربية ابنتكما على الخير والفضيلة، سواء تيسر اجتماع شمل الأسرة أم استمر الفراق، هذا مع الدعاء بأن يجعلها الله -تعالى- قرة عين لكما.
والله أعلم.