الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كانت أمك وأختك على هذه الحال من التبرج والاستخفاف بأحكام الشرع؛ فلا شك في أنهما على منكر عظيم؛ فالحجاب فريضة على المرأة المسلمة، كما دلت على ذلك الأدلة الشرعية، وسبق أن بينا ذلك في الفتوى: 63625.
وتزويج المرأة من غير وليها لا يصح عند جمهور العلماء، كما بينا في الفتوى: 5855.
وزواج المسلمة بغير المسلم باطل بالإجماع؛ كما بينا في الفتوى: 20203.
وليس من حقها طلب الطلاق لكون أبيك يمنعها من نزع الحجاب، فالأصل حرمة طلب المرأة الطلاق لغير مسوغ شرعي، كما هو مبين في الفتوى: 37112.
وأبوك على صواب في منعه إياهما من التبرج، فجزاه الله خيرا، وجزاك خيرا على إنكارك عليهما التبرج حسب استطاعتك، وهذا يدل على غيرتك على حرمات الله، وأنك لست ديوثا، وراجع لمزيد الفائدة الفتوى: 56653، ففيها بيان معنى الديوث.
ونوصيك بالاستمرار في نصحهما بالرفق واللين ما رجوت أن يستجيبا لنصحك، فإن انتفعتا بالنصح، فالحمد لله، وإن لم تستجيبا، فلا يجوز لك هجر أمك، بل صاحبها في الدنيا معروفا، كما أمر الله تبارك وتعالى، وهجرك أختك مشروع، ولكن ينبغي أن تراعي فيه المصلحة، فتهجرها إن رجوت أن ينفعها الهجر، وإلا فدع الهجر، واجتهد في سبيل الإصلاح، ولا تنس أن تكثر من الدعاء لهما بالهداية والتوبة.
وراجع لمزيد الفائدة الفتويين التاليتين: 277681، 21837.
والإقامة في بلاد غير المسلمين من أعظم أسباب مثل هذا الانحراف، وخاصة مع وجود القوانين التي تعين على هذا الانحراف، ولذلك شدد العلماء في المنع من الإقامة هنالك، فإن أمكن أن يهاجر أبوك بالعائلة إلى بلد مسلم للإقامة فيه، فربما أعانه ذلك على الإصلاح والمحافظة على كيان الأسرة، وانظر الفتوى: 144781.
وننبه إلى خطورة ما ذكرته أمك من أنها يمكن أن تتزوج من كافر، أو تزوج أختك من كافر من أجل الحصول على الجنسية، فزواج المسلمة من الكافر محرم وباطل بإجماع العلماء، والمعاشرة فيه زنى. وتراجع الفتوى: 62835.
بقي أن ننبهك إلى وجوب هجرتك لبلد مسلم إن كنت تخشى على دينك، فإن لم يكن بد من الإقامة هنالك، فاعمل على كل ما يعينك في الحفاظ على دينك من العلم النافع، والعمل الصالح، وحضور مجالس الذكر، والتعاون مع إخوانك المسلمين في المراكز الإسلامية في تبليغ الدعوة وخدمة المسلمين.
والله أعلم.