الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقطيعة الرحم درجات تتفاوت، كما أن الصلة درجات.
قال النووي في شرح مسلم: الصِّلَة دَرَجَاتٌ، بَعْضُهَا أَرْفَعُ مِنْ بَعْضٍ. وَأَدْنَاهَا تَرْكُ الْمُهَاجَرَةِ، وَصِلَتُهَا بِالْكَلَامِ -وَلَوْ بِالسَّلَامِ-. وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ القدرة والحاجة. فمنها واجب، ومنها مستحب، لو وصل بعض الصلة، ولم يَصِلْ غَايَتَهَا لَا يُسَمَّى قَاطِعًا، وَلَوْ قَصَّرَ عَمَّا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَيَنْبَغِي لَهُ لَا يُسَمَّى وَاصِلًا. اهــ.
وليس قاطع الرحم من قطع صلة كل الأرحام فحسب، بل من قطع بعض من تجب صلتهم؛ فهو قاطع للرحم، فمن تحقق أنه قطع أخا واحدا من إخوانه -مثلا- فهو قاطع للرحم، وإن كان إثمه أقل ممن قطع صلة إخوانه كلهم، ولا يقال إنه لا يسمى قاطعا حتى يقطع صلة كل الأرحام، فهذا لا يقوله أحدٌ من أهل العلم؛ فيما نعلم.
وانظر الفتوى: 269998. في بيان ما تتحقق به صلة الأرحام، وكذا قطيعتهم، ومثلها الفتوى: 276583. وأيضا الفتوى: 123691. في حد الرحم الواجب صلتها وحد الصلة.
والله أعلم.