الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمن رحمة الله بعباده أنه لم يجعل عليهم في الدِّين من حرج؛ لذلك رخّص للمريض الذي يتضرر بالصوم في أن يفطر، إن كان الصيام يزيد المرض، أو يطيله، أو يشق الصومُ معه، قال المرداوي في الإنصاف: قَوْلُهُ: الْمَرِيضُ إذَا خَافَ (الضَّرَرَ، أو زِيَادَةَ مَرَضِهِ، أَوْ طُولَهُ، أَوْ كَانَ صَحِيحًا، ثُمَّ مَرِضَ فِي يَوْمِهِ، أَوْ خَافَ مَرَضًا لِأَجْلِ الْعَطَشِ، أَوْ غَيْرِهِ؛ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْفِطْرُ، وَيُكْرَهُ صَوْمُهُ وَإِتْمَامُهُ إجْمَاعًا.... انتهى.
وقال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: المرض المبيح للفطر هو الشديد الذي يزيد بالصوم، أو يخشى تباطؤ برئه. انتهى.
وقال النفراوي المالكي في الفواكه الدواني: الْخَوْفُ الْمُجَوِّزُ لِلْفِطْرِ هُوَ الْمُسْتَنِدُ صَاحِبُهُ إلَى قَوْلِ طَبِيبٍ ثِقَةٍ حَاذِقٍ، أَوْ لِتَجْرِبَةٍ مِنْ نَفْسِهِ، أَوْ لِإِخْبَارٍ مِمَّنْ هُوَ مُوَافِقٌ لَهُ فِي الْمِزَاجِ... اهـــ.
وعليه؛ فالحكم بالنسبة لك هو الفطر، إذا غلب على ظنك أن يلحقك ضرر بالصوم؛ لما يترتب عليه من تغير مواعيد الدواء، وكون ذلك يؤدي إلى حدوث مضاعفات، كما حدث خلال السنوات الماضية، وكذلك لطلب الطبيب منك شرب كميات كبيره من الماء خلال اليوم؛ للحفاظ على سيولة الدم.
ولا إثم عليك في الفطر، قال الله تعالى: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ {البقرة:185}.
وما دام مرضك مزمنًا لا يرجى زواله -كما ذكرت-؛ فلا قضاء عليك.
وعليك الفدية، وهي أن تطعم مسكينًا عن كل يوم مُدًّا من طعام.
والمُدّ يساوي في عصرنا بالأوزان الحديثة 750 جرامًا تقريبًا من أرز، أو غيره من غالب قوت أهل البلد.
وراجع الفتويين التاليتين: 163983، 397855.
والله أعلم.