الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالله تعالى كريم، لطيف، بَرٌّ، تواب، رحيم، لا يرد تائبًا، ولا يخيب آملًا، ولا يضيع عمل عامل.
من تاب إليه بإخلاص وصدق؛ فإنه تعالى يفرح بتوبته، ويقبلها، ويعينه عليها.
ومن تقرّب إليه سبحانه شبرًا؛ تقرّب هو إليه ذراعًا، ومن تقرّب إليه ذراعًا، تقرّب إليه باعًا، ومن أتاه يمشي، أتاه الله هرولة.
وإنما يؤتى العبد من قِبَل نفسه، ومن قِبَل عدم تصحيح توبته، والإتيان بشروطها المعتبرة.
فعليك أن تتركي التأرجح بين الخير والشر، وبين الحسنة والسيئة، وأن تتوبي إلى الله بإخلاص، وصدق، وأن تندمي على جميع ما فرط منك من الذنوب -صغيرها، وكبيرها-.
وعليك أن تجتهدي في ردّ المظالم التي عندكِ لأهلها.
فإن عجزت عن ذلك، فتحلليهم منها؛ لئلا يقتصّوا منك يوم القيامة، وراجعي للأهمية الفتوى: 149083.
ولا تجزعي، ولا تتسخطي على قدر الله؛ فربما كان هذا البلاء تمحيصًا لك، وتكفيرًا لذنبك؛ فكل بلاء الدنيا ينساه العبد بغمسة يغمسها في الجنة.
ولا تقارني حالك بحال غيرك، ولا تنظري إلى ما عند الناس من الراحة، أو الاستقرار، بل انظري في الدنيا إلى من هو دونك؛ لئلا تزدري نعمة الله تعالى عليكِ، وستجدين من هو أشد منك بلاء، وأكثر منك مصابًا، ولا شك.
واستحضري نعم الله عليك -وهي كثيرة-، واجتهدي في شكرها.
وخذي بأسباب الاستقامة -من الحفاظ على الفرائض، والإكثار من النوافل، وصحبة الصالحين، ولزوم الذكر، والدعاء، وإدامة الفكرة في الآخرة-.
نسأل الله أن يرزقنا وإياك توبة نصوحًا.
والله أعلم.