الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فتنازلك لعمّك عن حقّك في امتلاك الشقة، لا حرج فيه، إذا كان مأذونًا فيه من قبل الجهة المسؤولة عن المشروع.
وبناء على أنها لا تمنع ذلك، وقد رضيت أنت بالتنازل لعمّك عن حقّك في الشقة، ولا يستطيع التصرّف فيها، إلا إذا عملت له وكالة؛ لكونها باقية باسمك؛ فالواجب عليك تمكينه من الانتفاع بشقّته، وعمل التوكيل له، وليس لك الامتناع من ذلك، والتسويف فيه؛ لأن ذلك قد يضيع حقّه.
ومسألة المماطلة في ذلك؛ كي يضغط على الأب ليكتب لك ولأختك شيئًا من ماله، أو يعيد لكما حقّكما؛ لا يبيح لك منع العمّ من حقّه.
ثم إن ما تطلبينه من الأب، لم نتبين مدى مشروعيته، وهل يباح أو لا؟ لأن تخصيصه لكما بشيء من ماله -كعقار، أو غيره- دون أن يعطي ابنه من زوجته الثانية مثل ذلك، لا يجوز.
ومخاوفك من ظلم زوجته لك، ولأختك، لا تبيح ذلك.
ونصيحتنا لك أن تعرضي صفحًا عن التفكير والخوف من المستقبل، الذي يحمل على الحزن والهم؛ فهذا خوف سلبي، كما أن الخوف من انقطاع الرزق في المستقبل أمر خطير، مناقض لما يجب أن يكون عند العبد من اليقين بالله، وبربوبيته، وأنه تكفل له برزقه، وأنه لا مانع لما أعطى، ولا رادّ لما قضى، وأن العبد لن يموت حتى يأخذ جميع رزقه الذي كتب له عند نفخ الروح فيه.
ويدل لهذا صريح الوحي كتابًا، وسنة، قال الله تعالى: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا [هود:6]، وقال: وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ [العنكبوت:60]، وقال: مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا [فاطر:2]، وقال: وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ [يونس:107].
وفي الحديث: إنَّ أحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ في بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا نُطْفَةً، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذلكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذلكَ، ثُمَّ يُرْسَلُ المَلَكُ، فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ، وَيُؤْمَرُ بأرْبَعِ كَلِماتٍ: بِكَتْب رِزْقِهِ، وَأجَلِهِ، وَعَمَلِهِ، وَشَقِيٍّ أَوْ سَعِيدٍ. رواه مسلم من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه-.
وهنالك جزئيات وردت في رسالتك، لم نجب عنها، ولم نقف عندها؛ بسبب تشعب السؤال.
ولأننا لا نجيب عن أكثر من سؤال واحد؛ لكثرة الأسئلة المتراكمة لدينا.
ويمكنك التواصل مع أحد من أهل العلم مباشرة؛ ليسمع السؤال، ويستفصل منك عما يحتاج إلى استفصال؛ ومن ثم يجيبك.
والله أعلم.