الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالزنى من كبائر الذنوب، والواجب على من وقع فيه التوبة إلى الله عز وجل، سواء كان رجلا أو امرأة، وعليه، فما دامت زوجتك قد اعترفت بوقوع الزنا وأنه كان بإمكانها أن تدفع الزاني ولكنها لم تفعل، فهي آثمة سواء شعرت بلذة حال الزنا أو لم تشعر، وأما عدم مدافعتها خشية الفضيحة، فليس عذرا، لأنها لو دافعت لم تنفضح وإنما ستظهر عفتها وستكون الفضيحة على المعتدي، وكذلك تعتبر آثمة في قذفها لقريبتها بالزنا دون بينة وسبب ما حصل لها نوع عقوبة على سوء صنيعها وكذبها وتساهلها في القرب من هذا الرجل، وما دام الأمر لم يبلغ الحاكم، فالواجب عليها أن تتوب فيما بينها وبين ربها وتستر على نفسها وتستر عليها أنت أيضا، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة. متفق عليه. وقال عليه السلام: من ابتلي بشيء من هذه القاذورات فليستتر بستر الله جل وعلا. رواه الحاكم والبيهقي، وصححه السيوطي وحسنه العراقي.
ولا ينبغي لك طلاقها ولا البحث والتفتيش عن تفاصيل ما جرى لها، ولو قدر أنك علمت بالمعتدي عليها، فإنه ليس لك قتله ولا رفعه للقضاء، ما لم يكن عندك أربعة شهود يشهدون أنهم رأوه يغتصبها ولا خير لك في أن ينشر بين الناس هذا الخبر عن امرأتك.
وأما قولك: وهل على الزوج ذنب الزنا أم أن الزوجة كان يجب عليها المقاومة؟ فالجواب أن الإثم على الزوجة ما دامت قادرة على المقاومة، لا سيما إذا كانت هي المتسببة في حصول هذا الاعتداء بالمقدمات المذكورة في السؤال من الخضوع في القول وإقامة علاقة مع هذا الرجل، وغير ذلك، ولا إثم على الزوج إلا إذا كان غيابه عنها تجاوز المدة المحدودة شرعا، وهي ستة أشهر، ولم تكن راضية عن هذه الغيبة فإنه يلحق الزوج شيء من الإثم.
وأما قولك هل يعيش معها...؟ فالجواب: نعم ما دامت قد تابت إلى الله.
وأما قولك: هل هو عقاب من الله لها؟
فالجواب أنه قد يكون كذلك، كما قدمناه سابقا.
وأما الفقرة الأخيرة التي فيها قصة عائشة، فإنه يفهم منها ومن غيرها من الأدلة الشرعية أن الإنسان يؤخذ بالظاهر ما لم تقم بينة بخلاف ذلك.
وأخيرا نقول: إن إسقاط هذه المرأة للجنين محرم، وعليها الدية وهي غرة عبد أو أمة، وتقدر بعشر دية أمة، والكفارة إذا كان الإجهاض بعد مرور أربعين يوما على الجنين وهو في بطنها، وقد فصلنا هذه الأمور في الفتوى رقم: 17939، وفي الفتاوى المحال عليها، فلتراجع.
والله أعلم.