الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنوصيك أولًا بكثرة الدعاء، وسؤال الله أن يصلح بينك وبين أمّ زوجك؛ فربنا سبحانه سميع مجيب، وهو القائل: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:186}.
ثانيًا: عليك بالإكثار من ذكر الله، والاستغفار، والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فذلك من أعظم أسباب تفريج الهموم، قال تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد:28}، وفي سنن الترمذي قال أبي بن كعب للنبي صلى الله عليه وسلم: أجعل لك صلاتي كلها، فقال له عليه الصلاة والسلام: «إذن تكفى همك، ويغفر لك ذنبك».
ثالثًا: في الصبر تسلية للنفس، وحمل لها على تحمّل البلاء، هذا بالإضافة إلى ما فيه من فوائد كثيرة، كتكفير السيئات، ورفعة الدرجات؛ فالزمي الصبر. وللمزيد فيما يتعلق بفضائله، انظري الفتوى: 18103.
رابعاً: لا إثم عليك فيما يقع في قلبك من كره أمِّ زوجك بسبب تصرفاتها؛ لأن الكره أمر قلبي، لا اختيار لك فيه؛ فلا تؤاخذين به، وادفعيه ما استطعت، قال تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الأحزاب:5}، لكن حذارِ أن يحملك ذلك على ظلمها.
خامسًا: أنت محسنة بمحاولة إحسانك لأمّ زوجك ومساعدتها، وهو مسعى مشكور، ولعل الله يجعله سببًا في إصلاح ما بينك وبينها، قال الله سبحانه: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34}، قال ابن كثير في تفسيره: أي: إذا أحسنت إلى من أساء إليك، قادته تلك الحسنة إليه إلى مصافاتك، ومحبتك، والحنوّ عليك؛ حتى يصير كأنه ولي لك حميم؛ أي: قريب إليك من الشفقة عليك، والإحسان إليك. اهـ.
سادسًا: على زوجك أن يحسن عشرتك، ويؤدي إليك حقوقك، كما أمره الله سبحانه في قوله: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19}، قال الجصاص: أمر للأزواج بعشرة نسائهم بالمعروف، ومن المعروف أن يوفيها حقّها -من المهر، والنفقة، والقسم، وترك أذاها بالكلام الغليظ، والإعراض عنها، والميل إلى غيرها، وترك العبوس والقطوب في وجهها بغير ذنب، وما جرى مجرى ذلك-، وهو نظير قوله تعالى: فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان. اهـ.
وليس على زوجك أن يطيع أمّه، فيسيء عشرتك، أو يهضمك شيئًا من حقّك؛ فالطاعة إنما تكون في المعروف، وانظري الفتوى: 76303.
سابعًا: لك الحق في اجتناب أمّ زوجك، وعدم الحديث إليها اتّقاء لأذاها؛ فإن هذا جائز، ولو كانت من أرحامك، وأولى إن كانت أجنبية عنك، وراجعي الفتوى: 348340.
ثامنًا: نوصي بأن يكون زوجك حكيمًا، فيعمل على الإصلاح وتجنب أسباب الشقاق.
ويمكن الاستعانة في ذلك بمن يرجى أن يكون له تأثير على أمّه.
والله أعلم.