الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمؤخر الصداق دين في ذمة الميت يؤخذ من التركة قبل قسمتها على الورثة، وانظر الفتوى: 427675.
وهو دين كسائر الديون إن أداها أحد عن الميت برئت ذمته، ولكن هل تبرأ ذمته بمجرد ضمان الدين عنه باللفظ ؟ أم لا تبرأ ذمته إلا بالقضاء، وليس بمجرد الضمان؟ قولان لأهل العلم.
وأكثر أهل العلم على أنه لا تبرأ ذمته إلا بالقضاء، وليس بمجرد الضمان، لحديث: نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، ولحديث أبي قتادة لما تحمل دين الميت، ثم أداه عنه بعد أيام من دفنه فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: الْآنَ، بَرَّدْتَ عَلَيْهِ جِلْدَهُ. رواه أحمد والحاكم، وانظر الفتوى: 134831.
وهذا الصداق المؤخر الذي لأمك على أبيك هو حق لها، ويعتبر من تركتها، فيقسم بين من كان حيا من ورثتها يوم وفاتها، وما دام أنها ماتت قبل أبيك فيكون أبوك من ورثتها، فيرث من ذلك الصداق الربع؛ لقول الله تعالى: فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ. {النساء:12} وربعه هذا يقسم بين ورثته.
وأما قولك ( كيف أتصرف بصداق أمي ..إلخ ) فصداقها لا يُنفق في صدقة ولا في غيرها، وإنما هو حق لورثتها، ويقسم بينهم القسمة الشرعية -كما ذكرنا- فليس من حقك أن تصرفه في شيء من أعمال الخير، إلا إذا رضي الورثة بذلك، ويُشترط لصحة رضا الوارث أن يكون بالغا رشيدا.
والله أعلم.